Sunday, 7 September 2025

جاري التحميل...

جاري التحميل...

عاجل
المفتي دريان: الفرج آتٍ مهما اشتدت الصعاب

المفتي دريان: الفرج آتٍ مهما اشتدت الصعاب

September 3, 2025

المصدر:

وكالة الأنباء المركزية

وجّه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان رسالة الى اللبنانيين بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف الآتي نصها: "الحمدُ للهِ الذي أرسلَ نبيَّهُ محمداً صلى اللهُ عليه وسلَّم بالهُدُى والحَقِّ المُبين، نحمدُهُ سُبْحَانَه على إِسْبَاغِه النِّعَم ، وإِغْدَاقِهِ العَطَايا والمِنَن .وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحَمْدُ وهو على كلِّ شيءٍ قَدِير .وأشْهَدُ أن سَيِّدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، سَيّدُ الخلقِ أجمعين، صَاحِبُ المَقامِ المَحْمُود، والحَوْضِ المُورود، والشَّفَاعَةِ العُظْمى .اللهم صلِّ وسلِّم وبَارِك على سيِّدِنا محمد، وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين، وعلى من تبعَهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وبعد: يقولُ المولى تباركَ وتعالى في مُحكَمِ تنزيلِه :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً* وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾.

أيها المسلمون، أيها الإخوة المواطنون: 

في أزمنة المحن والبلاء، يتطلع الناس إلى نافذة للرجاء والأمل . والنافذة المحببة التي تذكرنا اليوم بالنور الذي سطع على مكة والجزيرة والعالم، هي نافذة مولد محمد صلوات الله وسلامه عليه. كان الزمان بمكة زمان الجاهلية والأوثان، وزمان التفاوت الطبقي وتجارة الكبار، واحتياجات الصغار، والعبودية التي لا تتنفس فيها ولا منها. والجزيرة في جوار مكة - القريب والبعيد - غاصة بالغزو والاضطراب، وأما ما حول الجزيرة فيسيطر عليه الروم والفرس. وكل هذا كان مقدرا له أن يتغير خلال خمسة عقود على يد ذلك الطفل اليتيم محمد بن عبد الله الذي ما إن شب عن الطوق، وأطلق دعوته للسلام والإصلاح حتى قال : (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما فعلت أو أهلك دونه). دعوة الإصلاح هي دعوة الأنبياء جميعا فالنبي صالح يبلغ قومه: ﴿إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت﴾.

في ذكرى المولد النبوي نتذكر طفولته الشاقة وحبه للأطفال طوال حياته. ونتذكر اتساع أفقه، ولطفه مع الناس، والتضامن الإنساني، والإصلاح بين الناس، وحدبه على الفقراء والضعفاء.
ولنذكر أنه دخل مع أعمامه في حلف الفضول في شبابه لرعاية الغرباء والمظلومين وذوي الحاجة. ولنذكر أنه أصلح بين المتنافسين في وضع الحجر الأسود بجدار الكعبة المجددة. ثم لنذكر أن الفقراء والعبيد كانوا معظم من انضم لدعوته في سنيها الأولى. ولنذكر سماته وصفاته التي عرضتها سورة الضحى:  ﴿والضحى * والليل إذا سجى *ما ودعك ربك وما قلى* وللآخرة خير لك من الأولى *ولسوف يعطيك ربك فترضى * ألم يجدك يتيما فآوى* ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى *فأما اليتيم فلا تقهر* وأما السائل فلا تنهر * وأما بنعمة ربك فحدث﴾.

أيها المسلمون، أيها الإخوة المواطنون: 

لا نذكره صلوات الله وسلامه عليه إلا ونذكر حنانه ورعايته لأسرته. ماتت أمه وهو طفل فظل يزور قبرها ويدعو لها. وعاش مع زوجه الأولى خديجة زهاء العشرين عاما، وعندما توفيت ظل على ذكر لها وثناء عليها، فقد كانت أولى من استجاب لدعوته، ورزقه الله منها الولد كما كان يقول، وما عرف منها غير التفاني والإخلاص.

وهجر من مكة مسقط رأسه مع المئات من المسلمين الجدد فما حقد ولا انتقم، بل قال لهم عند الفتح: اذهبوا فأنتم الطلقاء. وعرف عنه أنه ما عرض عليه أمران إلا اختار أيسرهما. وحسبنا من ذلك قول القرآن في سورة الانشراح: ﴿فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ﴾.
وهكذا فذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم مولدا وبعثة وهجرة هي ذكرى وتذكير بالفضائل والخصال الإنسانية السامية التي يسلم باتباعها الأفراد، وتعيش بها الجماعات والمجتمعات.

الإيمان مسؤولية فردية. لكن القرآن يشترع للفرد والجماعة، وأساس كل التعاليم القيم الكبرى، والأخلاق المستنيرة، فلا ينبغي أن ننسى قوله تعالى نخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم : ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾.

وإذا كان قد فهم الدين باعتباره حسن الخلق ، فقد فهم أيضا وأفهمنا بالقرآن وبكلامه أن الدين واحد في قيمه وأخلاقه، وأن الناس إخوة . كما ذكر لنا مثل البناء الذي بناه الأنبياء من قبل إلا موضع لبنة ، فهو تلك اللبنة التي أكملت البناء على أحسن وجه ، وهو خاتم النبيين".

اضاف: "ما مر العالم العربي بظروف أصعب من تلك التي شهدناها ونشهدها في السنوات الأخيرة. لا مذبحة كمذبحة غزة الجارية منذ عامين تحت سمع العالم وبصره. وإلى ذلك هناك اضطهاد أهل الضفة والقدس، والاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى. ونحن نعرف ونتابع الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول العربية لوقف الحرب، وللعودة إلى حل الدولتين. فلا يصح الصراخ والتشهير وبخاصة أن هؤلاء الصارخين لا يفعلون شيئا ولا يستطيعون على طريقة : (كلما دخلت أمة لعنت أختها). وكأنما يصبح التلاعن إنقاذا والعياذ بالله".

وتابع: "لقد كنا محظوظين أيها الإخوة والأخوات بأن اكتمل لدينا في لبنان عقد المؤسسات الدستورية وسط هذا الخضم المضطرب. وقد أجمعنا في خطاب القسم وفي بيان الحكومة على استعادة الدولة ومؤسساتها وجيشها وسلاحها، واجتراح عمليات إصلاحية جذرية، كان ينبغي أن تحصل قبل سنوات وسنوات. إن مطلب حصر السلاح بيد الدولة هو مطلب لبناني أصلي وأصيل. وقد نختلف على هذا الأمر أو ذلك صغيرا كان أو كبيرا، لكن لا يجوز أن نختلف على استعادة الدولة من الفساد ومن السلاح. لا دولة فيها جيشان. والميليشيات المسلحة المنتشرة في بلدان عربية عدة عطلت وتعطل قيامة دولة لكل المواطنين وليس لحملة السلاح. ما عاد من الممكن أن يسيطر تحالف السلاح والفساد على الدولة اللبنانية، أو ينتهي لبنان الذي نتصوره دائما بصورة زاهية، ما عاد باقيا منها غير آثار احتفالية".

واضاف: "نعم قد نختلف في المجال العام على أمور وأمور، أما الدولة والجيش فلا يجوز الاختلاف عليهما. ورغم ذلك إذا اختلفنا فلا يجوز ولا يصح التشاتم والتخوين، وتكبير الصغائر والاستخفاف بمصالح الوطن وهيبة الدولة. نحن نرى أن قرار السلم والحرب ينبغي أن يكون ويبقى بيد الدولة ومؤسساتها المختصة، وبالطبع هو أمر خطير هذه الاتهامات التي توجه لكبارنا لا نقبل بها بأي حجة. فلنقف جميعا في وجه أولئك الذين يريدون عزل هذه الطائفة أو تلك لصالحهم أو لصالح المتدخلين الخارجيين. وإن سياسة لا ضرر ولا ضرار هي من تمام الحكمة والعدل والمنطق الذي ينبغي أن نعالج بها قضايانا، ولنتطلع بأمل وثقة إلى وطننا ودولتنا، فالثقة هي الأساس في سلوك الطريق المستقيم بلبنان، وآن لنا أن نبني وطننا  من خلال الدولة ومؤسساتها، ولا يزال لدينا أمل، بأن الفرج آت، مهما اشتدت الصعاب. والمبادرات يعول عليها" .

وختم: "في ذكرى المولد النبوي الشريف نريد أن تكون هذه الذكرى داعية للوحدة والسلم وصنع الجديد والمتقدم، ونريد في هذه الذكرى أن يشعر اللبنانيون بالتغيير المنشود ليس في مسألة السلاح فقط، بل وفي قضايا الفساد الكبرى ، وأخيرا في بناء الجديد المطلوب والمرغوب. لا يجوز أن يكون الهم الإدانة والتخوين ، بل الاستحثاث والتقدير والتقويم الصحيح:  وفي الخِتَام يقولُ المولى تباركَ وتعالى في مُحكَمِ تنزيلِه: 
﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾". صَدَقَ اللهُ العَظِيم.

 

Posted byKarim Haddad✍️

 المطران الياس عودة: الساكت عن الظلم ليس بريئا بل مشارك في الإثم والخطيئة
September 7, 2025

المطران الياس عودة: الساكت عن الظلم ليس بريئا بل مشارك في الإثم والخطيئة

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس. وبعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "يفتح إنجيل اليوم أمامنا بابا واسعا لفهم سر محبة الله للعالم، ولإدراك عمق التدبير الإلهي الذي تم من أجل خلاصنا. في الكلمات القليلة التي سمعناها نجد خلاصة التدبير الخلاصي كله حيث يتقاطع النزول والصعود، الموت والحياة، الدينونة والرحمة، في شخص واحد هو يسوع المسيح ابن الله المتجسد. يبدأ النص بتأكيد على أنه لا أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل منها، أي المسيح نفسه. فالطريق إلى الآب لا يفتح إلا عبر الإبن، لأنه هو وحده «ابن البشر الذي هو في السماء» الذي يعرف الآب معرفة كاملة، ويحمل إلينا حياة السماء. يقول القديس كيرللس الإسكندري: «إن المسيح نزل ليلتحم بنا، ويصعد ليحملنا معه». هنا يكمن سر التجسد، فابن الله صار إنسانا ليدخل الإنسان في شركة الحياة الإلهية. هذه ليست حركة رمزية أو مجازية، بل فعل حقيقي من المحبة الإلهية التي لا تقاس".

أضاف: "يشبه المسيح رفعه على الصليب برفع موسى الحية النحاسية في البرية، حين تذمر الشعب وأصابتهم الحيات القاتلة، فأعطاهم الله علامة للخلاص، هي حية نحاسية معلقة، من نظر إليها بإيمان نجا. هذه العلامة، كما يوضح القديس يوحنا الذهبي الفم، كانت «رمزا مسبقا للصلب»، حيث يعلق المسيح نفسه على خشبة ليبطل سم الحية القديمة، أي إبليس. كانت الحية أداة الموت منذ الفردوس، لكن المسيح جعل من صليبه دواء للحياة، محولا آلة الموت إلى ينبوع خلاص. إن النظر بإيمان إلى المسيح المرفوع يشفي من سم الخطيئة والموت، كما شفي العبرانيون من لدغات الحيات. «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد». إنها خلاصة الإنجيل كله. محبة الله ليست محبة عابرة ولا عاطفة بشرية، بل محبة إلهية جوهرية، دفعت الآب ليرسل ابنه الوحيد إلى الألم والموت من أجلنا. المحبة الإلهية ليست شعورا، بل عمل خلاصي وبذل حقيقي وتضحية لا محدودة. لم يكتف الله بأن يعطينا شريعة أو أنبياء أو كلمات تعزية، بل أعطانا ابنه الوحيد لنمتلئ منه ونخلص به. أحب الله العالم وبذل ابنه الوحيد « لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية». ليس الهدف من هذا البذل أن يدين الله العالم. كثيرون يظنون أن الله يترصد البشر ليدينهم على خطاياهم، لكن المسيح يوضح أن مقصده هو الخلاص لا الدينونة التي تحصل تلقائيا عندما يرفض الإنسان النور ويختار الظلمة. المبادرة الإلهية هي دائما للرحمة، كما يقول القديس إيريناوس: «مجد الله هو الإنسان الحي، وحياة الإنسان هي رؤية الله». الله لا يسر بهلاك الخطأة، بل يريدهم أن يتوبوا ويحيوا. هنا يظهر التباين بين فكر الله الساعي إلى الخلاص والمصالحة، وفكر العالم المادي الساعي وراء الكسب والتسلط والإنتقام والقصاص، وإلا كيف يفسر ازدراء القيم والأخلاق والمبادئ الإنسانية، والمواثيق الدولية، وقتل الأبرياء، وتجويع الأطفال، ومحو المدن والحضارات؟ والساكت عن الظلم والقتل والإزدراء بحياة خليقة الله ليس بريئا بل مشارك في الإثم والخطيئة".

وتابع: "إذا نظرنا إلى واقعنا اليوم، نجد أن العالم لا يزال بحاجة ماسة إلى الرحمة والمحبة والتواضع والتوبة، وإلى فهم هذه العبارة: «لم يرسل الله ابنه ليدين العالم، بل ليخلص به العالم». فإذا كان قصد الله الخالق خلاص العالم، كيف للإنسان المخلوق أن يدين العالم أو يدمره؟ من يقتل ومن يدفع للقتل أو يتسبب به وبهدم بيوت الناس والعبث بحياتهم والتلاعب بمصيرهم يسيئ إلى خليقة الله التي افتداها المسيح بدمه ليخلصها. في هذا الزمن الذي يضج بالعنف والظلم والإنقسامات والحروب، حيث تبنى المجتمعات على البطش والأنانية، نحن بحاجة إلى اكتشاف حقيقة أن الله لم يتركنا رغم خطايانا وزلاتنا، بل دخل تاريخنا، شاركنا آلامنا وحمل ضعفنا ليحول الظلمة إلى نور واليأس إلى رجاء. في كل مرة ننظر إلى الصليب، علينا أن نتذكر أنه ليس علامة دينونة، بل علامة حب أقوى من الموت. هذه المحبة ليست فكرة عامة أو عاطفة مبهمة، إنما هي دعوة شخصية لكل منا. المسيح مات على الصليب «لكي لا يهلك كل من يؤمن به». لكن الإيمان ليس قبولا عقليا، بل تسليم كامل للذات، ودخول في علاقة حية مع المسيح. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: «ما لم يتحد بالمسيح لم يشف». الإيمان الحقيقي هو أن نتحد بالمسيح في حياتنا وأفكارنا وأعمالنا، وأن نسمح لمحبته أن تعيد تشكيلنا، حتى نصبح نحن أيضا أيقونات حية للمسيح في هذا العالم. وإذا كان الله قد بذل ابنه الوحيد من أجلنا، فكم بالحري علينا نحن أن نبذل أنفسنا بعضنا لأجل بعض، لأن المحبة التي اختبرناها في المسيح ليست لتحفظ لأنفسنا، بل لتفيض على الآخرين. في عالمنا الذي يمجد الفردية والمصلحة الشخصية، يطلب منا الرب أن نكون شهودا لمحبة غير مشروطة، مستعدة للعطاء والبذل حتى النهاية. هنا تبرز مسؤولية الكنيسة اليوم في أن تظهر وجه المسيح المصلوب والقائم من بين الأموات، وأن تكون مكانا يشفى فيه الجرح البشري من سم الكراهية واليأس، وأن تعلن أن المحبة هي الكلمة الأخيرة في التاريخ، والفعل الأسمى".

وختم: "هذه الدعوة لا تعاش بسهولة، إذ تتطلب صراعا داخليا، وجهادا روحيا، وتواضعا وتخليا عن الأنا والكبرياء، وانفتاحا دائما على نعمة الله. لكننا لسنا وحدنا في هذا الطريق، لأن المسيح القائم حاضر معنا بروحه القدوس، يقوينا ويعضدنا وينير سبيلنا. فلنرفع أنظارنا نحو المسيح المصلوب، كما رفع العبرانيون عيونهم نحو الحية النحاسية، ناظرين إليه بإيمان حي، وواثقين بأنه وحده قادر أن يشفي جراحنا ويمنحنا حياة لا تزول. ولنسمح لمحبته أن تدخل قلوبنا وتحولها، لنصير نحن أيضا أدوات خلاص للآخرين، لا دينونة لهم. هكذا، نكون شهودا أمناء لخبر سار لا يشيخ: أن الله أحب العالم، وأحب كلا منا، حتى بذل ابنه الوحيد لنحيا فيه ونمجد اسمه القدوس إلى الأبد".