https://www.traditionrolex.com/8

المقابلات

رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان الدكتور طلال المقدسي للـ"أخبار": واجبنا توصيل رسالة الوطن وليس الحكومة إلى كل لبناني في أي بقعة من بقاع الأرض


On 16 November, 2016
رئيس مجلس إدارة تلفزيون لبنان الدكتور طلال المقدسي للـ"أخبار": واجبنا توصيل رسالة الوطن وليس الحكومة إلى كل لبناني في أي بقعة من بقاع الأرض

"الأخبار" – كاتي غنطوس

من مندوب إعلانات في مطلع السبعينيات، شقّ الدكتور طلال المقدسي، إبن مدينة بعلبك البقاعية، طريقه في عالم الاعلام، معتمدا على نزاهته وخبرته وإيمانه العميق بأن الاعلام رسالة وطنية سامية وليس عملا تجاريا على حساب الوطن وضمائر الناس ومصالحهم، أو من أجل إرضاء السياسيين والتجييش ضد المبادئ والقيم.

تبوأ الدكتور المقدسي رئاسة مجلس إدارة تلفزيون لبنان في وقت كانت فيه هذه المؤسسة الاعلامية العريقة، تلفظ أنفاسها الأخيرة وتنحدر سريعا نحو مصير قاتم يهددها بالاغلاق والاندثار.

إلتقته "الأخبار"، وكان هذا الحوار حول إنجازاته خلال السنوات القليلة التي تسلم فيها زمام الأمور في تلفزيون لبنان، وطموحاته التي يصارع من أجل تحقيقها.

  • أين موقع تلفزيون لبنان حالياً بين المحطات التجارية الأخرى؟

إحتلّ تلفزيون لبنان موقع الصدارة في الستينيات من القرن الماضي، بحكم كونه التلفزيون الوحيد التجاري في العالم العربي. كان هناك تلفزيون لبنان والمشرق ثمّ أصبح تلفزيون لبنان، وكان مركزه في الحازمية. إحتلّ مركز الصدارة في فترة كان فيها الوحيد ولكن في الوقت عينه كان قطاع خاصا.

بعد الأحداث التي مرّت على لبنان في السبعينيات، وضع اليد على شركتي التلفزيون وتم تأسيس شركة تلفزيون لبنان، وهي الى اليوم شركة خاصة ولكن تملك الدولة اللبنانية  %98 من أسهمها، أما إدارتها فخاصة. والدولة عندها واجب ومسؤولية أساسية وهي تعيين مجلس إدارة هذه الشركة، وفي هذا المجلس هناك مفوّض دائم للحكومة. ولكن لا تتدخل الدولة في الإدارة ولا في أي شيء أخر إطلاقاً.

  • ما أبرز الانجازات التي قمت بها خلال توليك المسؤولية؟

قبل إستلامي الإدارة كانت أهداف وطموحات الرئيس السابق لمدة 13 سنة، المحافظة على راتب معيّن وعلى تأمين صحي. لهذا السبب حصلت تجاوزات كثيرة في تلفزيون لبنان، وتراجع وأصبح في المرتبة الأخيرة بين التلفزيونات العاملة في لبنان. وبدا الإنهيار في البرامج وأصبح التلفزيون نكتة.

اليوم تغيّر الوضع، منذ 3 سنوات أصبح هناك إدارة جديدة، رؤية مختلفة، جرأة بإتخاذ القرارات، وتطاول بسيط على الروتين الإداري، لأنّ القطاع العام في لبنان يتراجع والقطاع الخاص يتقدم ويتطور. لهذا السبب من المهم تسليط الضوء على التطور التقني الذي حصل في التلفزيون. تطور التلفزيون 180 درجة تقريبا. وأستطيع القول أنه أفضل تلفزيون مؤهل هو تلفزيون لبنان.

أحدث كاميرا في أي تلفزيون عمرها أكثر من 8 سنوات. وأقدم كاميرا في تلفزيون لبنان عمرها سنة. ومنذ تحملنا للمسؤواية إستطعنا إستيعاب كل التكنولوجيا الجديدة لأننا أخذنا أحدث شيء في التكنولوجيا. لدينا 18 مصور أخبار لديهم 18 كاميرا حديثة ومتطورة وديجيتال. 6 مصوري برامج و 9 كاميرات حديثة وديجيتال. وهذا بالطبع تطلب تجديد كل شيء: ستديو جديد، برامج جديدة، ريجي جديد، وهذا مكلف جدا. بالإضافة الى تأهيل المبنى والناس، أصعب شيء هو تأهيل الناس لأن المصور مثلا كان محروما من كل شيء جديد والمخرج أيضا. وطبعا هذا كله لا يكفي لأننا ندرك أن أساس كل شيء هو البرامج والإنتاج.

  • ما أهدافك وطموحاتك لهذه المؤسسة الاعلامية العريقة في لبنان والعالم العربي؟

ليس من أهداف تلفزيون لبنان التنافس مع المحطات الأخرى لأنه ليس تلفزيونا سياسيا لكي يتنافس مع 4 محطات هدفها الدعاية للاحزاب والعقائد السياسية، و3 تلفزيونات أخرى وهي تجارية، باعت الاخلاق وكل شيء لتزيد عدد المشاهدين وتكسب ماديا وترتبط بطريقة غير مباشرة بالإعلام السياسي. دور تلفزيون لبنان أن يطفىء هذه النار لأنه ليس تلفزيونا يجيّش سياسيا. واجبنا أن نردم الهوة بين السياسيين وتقريب وجهات النظر بين الناس، وإعطاء الصورة الإيجابية عن لبنان. ليس هناك مقدمة أخبار لغسل الدماغ في العالم أجمع غير في لبنان، وهي متواجدة في التلفزيونات اللبنانية السبعة ما عدا تلفزيون لبنان الذي ليس لديه دور تجييشي. لديه دور أدبي، ثقافي، أخلاقي، تربوي ورياضي. نحن التلفزيون الوحيد الذي لديه برنامج تربوي. وهو عبارة عن مسابقة بين جميع طلاب الثانويات في لبنان من مختلف المحافظات. كما نقوم بتطوير الرياضة لنبعد الشباب عن كل شيء سيء. هناك إدمان على المخدرات وبشكل مخيف وأصبحت الأكثرية تنقصهم الأخلاق. أصبح المكسب المادي يفوق أي شيء أخر. ليس هناك مسؤولية وطنية أو أدبية أو أخلاقية ولا تربوية، ليس هناك إلا الأنانية والمصالح الشخصية.

وهنا يأتي دورنا في نشر التوعية. نواجه عراقيل مختلفة، وهي الصراع بين القطاع العام والقطاع الخاص. اتخذت على عاتقي أن أحمي التلفزيون لأننا عندما إستلمناه منذ 3 سنوات كان واجبنا تصفيته. وكانوا يسموننا حارسا قضائيا أي "إجلبوا الأوراق لنبدأ مراسم الدفن". موقع التلفزيون اليوم بعدد مشاهديه في لبنان هو الرقم 3 ولو أن الإحصاءات لا تعطيه حقه. لأن الإحصاءات مرتبطة ببيروت وضواحيها وليس هناك أي تلفزيون في لبنان يغطي أكثر من 62 الى 64 % من الأراضي اللبنانية بإعتماده على الكابل. نحن موجودون على الكابل وموجودون في 17 محطة إرسال بكل قرية في لبنان وعلى الحدود.

  • ماذا تقدمون للبنانيين في عالم الاغتراب؟
  • واجب تلفزيون لبنان أن يوصل رسالة الوطن وليس الحكومة إلى كل لبناني أينما تواجد وفي أي بقعة من بقاع الأرض. ولهذا السبب وصلنا الى مرحلة وإتفقنا مع إحدى المحطات لتغطية كندا وأميركا وأوستراليا بالستلايت. ولكني أخطأت حين عرضت على مجلس الإدارة في التلفزيون هذا الأمر، إذ بدأ الصراع بين القطاع الخاص والعام وخسرنا الرهان الذي كان من دون مقابل، بسبب بعض الخلافات التافهة. نحن في لبنان نصدّر إنتاجنا ورأسمالنا الشبابي المثقف الذي هو اللبناني. نعلمهم صم نصدرّهم إلى الخارج لأنهم للأسف لم يتركوا مجالا إلا للمصفقين في البلد. واجبنا كتلفزيون لبنان التواصل مع كل جالية أو سفراء منتشرين للوطن كما أعتبرهم، وهم الذين رفعوا إسم الوطن أينما تواجدوا. ولكن عليهم أن يقوموا بشيء لاقف معهم. أنا أعطيهم منبرا ولكن عليهم أن يرسلوا لي مادة. ليس لدينا إمكانيات مادية. اللبنانيون متواجدون في 164 بلدا في العالم. ونامل أن يسجلوا أنفسهم في السفارات.

  • كيف عالجت موضوع الأرشيف الغني لتلفزيون لبنان؟
  • أرشيف تلفزيون لبنان هو ذاكرة لبنان وذاكرة العالم العربي منذ سنة 1959 الى سنة 1970، نظرا لعدم وجود تلفزيون تجاري حينها إلا تلفزيون لبنان. ولكن هذا الأرشيف في تلك الفترة كان على أشرطة  16م و35 م.

    عند إستلامنا للإدارة كانت هذه الأشرطة متواجدة إمّا في العراء أو تحت المطر أو في الشمس أو غرف مغلقة في الصيف وفي الرطوية العالية في الشتاء. قبلنا، إهتم بهذا الموضوع معالي الوزير داعوق وإستحصل على منحة من الخارج والداخل وإستطاع تأهيل 90 ساعة من هذا الأرسيف. نحن خلال آخر 6 أشهر أهلنا 600 ساعة من هذا الأرشيف، ولكن في نفس الوقت لدينا حوالي 55 ألف ساعة أرشيفية لبرامج قديمة. نظفنا كل الكاستات وبدأنا بنقلها على lt04 والآن على lt06 . والفرق بين الإثنين أنه في البداية كنا في الساعة الواحدة نستطيع القيام بساعة أرشيفية، والآن نقوم بأرشفة 20 ساعة خلال ساعة واحدة. نؤرشفها على نسختين. نسخة نودعها في خزنة في البنك المركزي، ونسخة في التلفزيون. لقد أهلنا ختى الآن 5000 ساعة ولدينا 50000 ساعة لتتأرشف. ولكن على الأقل نستطيع القول إننا بدأنا المشوار. وكل الأرشيف في التلفزيون أصبح في أماكن مبرّدة وضمن الأصول. ومن خلال جريدتكم، أدعو كل شخص سطا على جزء من أرشيف تلفزيون لبنان، سواء في بيت أو مؤسسة أخرى، أخذه بحق أو بغير حق، أن يعيده إلى التلفزيون لنؤهله، لأنه لا يحق لأي مؤسسة أن تبثه لأن هذا ملك تلفزيون لبنان.

  • هل دخل تلفزيون لبنان بازارالمحاصصة السياسية؟
  • ليس هناك محاصصة سياسية بوجودي. هناك محاصصة مؤهلين من كل الطوائف. وأتمنى على كل إنسان إذا أراد إقتراح شخص على تلفزيون لبنان، أن يقترح شخصا مؤهلا إدارياً. الوضع الحالي في التلفزيون غير سليم، لأن هناك شخصين في التلفزيون، رئيس مجلس
  • الإدارة والمدير العام الذي هو أنا، وشخص آخر يمثل مجلس الادارة، واذا لم نختلف صوتي هو المرجح. ولياقة مني، أتحاشى في معظم الأحيان أن أستعمل صوتي المرجح.

    وهذا الصراع هو صراع القطاع الخاص والقطاع العام. أما الإصرار على تعيين مجلس إدارة جديد فهو ضرورة لإنقاذ التلفزيون وليس لتعيين ودائع سياسية ومصالح إنتخابية ومنافع مالية. وإقتراحي أن يكون مجلس الإدارة الجديد مؤلفاً من أناس مؤهلين لديهم معرفة في الإنتاج والعالم التلفزيوني، وأن يضم عنصرا نسائيا. أما الاسماء التي طرحت من متقاعدين وعاطلين عن العمل، فلن يصل أي منهم الى مجلس الإدارة. ولكن عندما أقتنع أن مجلس الإدارة هذا يمثل ما طمحنا له ويكمل المسيرة، سوف أكون أول داعم له.

  • هل أسباب المواجهة معكم تعود لامتلاكك شبكة إعلانية؟
  • لم أعد أملك أي شيء في الإعلان. كل حياتي إعلامية. ولكن في هذه المؤسسة لدي ولاء يفتقده الجميع. أنا إبن بعلبك، ولا أستطيع بناء منزل هناك. وتلفزيون لبنان هو أول وظيفة لي في حياتي. وعندما أتيت للمقابلة من 5 سنوات بكيت، إتصل بي رئيس مجلس الإدارة لأسلم عليه قلت له أنني لا أريد رؤيتك ولا أريد أن أرى هذا المكان مرة ثانية، عرض عليّ وقتها أن أستلم رئاسة مجلس الإدارة رسمياً، فاعتذرت لإرتباطي إعلامياً وإعلانياً، وهذا يؤدي إلى تضارب مصالح. إلى أن بعت حصصي في الشركة، ومن دون أن أدري كان رئيس مجلس الإدارة مريضاً، وقررت الدولة المالك الأساسي، أن تطلب من القضاء تعيين حارس قضائي. فأرسلوه له سبع سير ذاتية، واحدة منها تخصني، ومن دون علمي، فارتأى القاضي تعييني شخصيا.

    أقول للذين يسرّبون والطامعين والحسودين والحاقدين، أن يتركوا تلفزيون لبنان وشأنه. هذه المحطة للجميع ولن أسمح لأي طامع غير مؤهل أن يصل.

    خوفي كبير على مستقبل تلفزيون لبنان، ولهذا السبب أقول إذا جاؤوا بمجلس إدارة جيد سأقف إلى جانبه وأساعده، ولكن مجلس الإدارة الذي لا يقنعني فلن يصل إلى مجلس الوزراء. لكي يمرّ تقرير يجب أن يتحلى بتصويت أغلبية أعضاء مجلس الإدارة. المعطلون للتلفزيون لديهم الثلث المعطل وليس الثلثان البناءان، لأن الثلثين مع من بنى تلفزيون لبنان وأعاد له موقعه.

  • ما كلمتك التي ترغب بتوجيهها لقراء "الأخبار" في كندا؟
  • لإخواننا في كندا، أقول الله ينقذ لبنان وينقذهم. كما أتمنى أن يظل لديهم إرتباط في لبنان لأن الوطن بحاجة إليهم. أما الظروف التي أجبرتهم على الهجرة فيجب عليهم أن يقوموا بنشاط لوضع حدّ لها، ولإنقاذ أقربائهم وأنسبائهم ومن بقي في لبنان. بنيت مؤسسات لبنان
  • في الستينيات، ومنذ ذلك الحين، هناك من يعمل على هدم هذه المؤسسات، ولكن لن يتمكن أحد من هدم هذه النعمة التي أعطانا إياها الله، وأصبح لدينا بترول وغاز، ولدينا طبيعة وإنسان. لسنا بحاجة إلا إلى طبقة سياسية تكون وطنية.

    وختاماً أقول أن تلفزيون لبنان هو للجميع وليس لأحد منهم.




https://www.traditionrolex.com/8