توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة : توقيت يطرح أكثر من سؤال

مما لا شك فيه ان توقيف رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان السابق، يمثل تطورًا كبيرًا في المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني. هذه الخطوة التي جاءت على خلفية قضية شركة “أوبتيموم” التي أسسها مع شقيقه رجا، تُعَدّ أول إجراء قضائي حقيقي ضد شخصية كانت حتى وقت قريب محمية بقوة داخل الأوساط السياسية اللبنانية.

منذ أكثر من عامين، يواجه سلامة اتهامات بالفساد، ليس فقط في لبنان، ولكن أيضًا على الصعيد الدولي. في فرنسا، ألمانيا، وسويسرا، تتعلق الاتهامات بمبالغ طائلة يشتبه في أنها حُوِّلَت بطرق غير قانونية من خلال عقود مالية مشبوهة. في لبنان، تتمحور القضية حول “أوبتيموم”، حيث يُشتبه أن الشركة حصلت على عمولات بقيمة ٨ مليار دولار  عبر تعاملات مشبوهة مع مصرف لبنان أثناء تولي سلامة منصب الحاكم.

ما يلفت الانتباه هو توقيت التوقيف، والذي قد يُفسر كمحاولة لبنانية لمنع تسليم سلامة إلى السلطات الدولية. ومما لا حاجة لذكره هو أن سلامة كان لفترة طويلة محميًا سياسيًا، وكان من المستحيل تقريبًا محاكمته محليًا. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هذا التوقيف هو بداية لمحاكمة حقيقية لسلامة، أم أنه مجرد خطوة تكتيكية لحماية السيادة القضائية اللبنانية على حساب مطالب المجتمع الدولي؟

من المحتمل أن يكون التوقيف بداية لتسوية سياسية داخلية تتيح للطبقة الحاكمة في لبنان فرصة تقديم سلامة كـ”كبش فداء” كي تخفف عنها الضغوط الدولية.

اما السيناريو الآخر فهو أن يؤدي التوقيف إلى زيادة الضغوط الدولية على لبنان لتسليم سلامة. إذا فشلت الحكومة اللبنانية في تقديم محاكمة عادلة وشفافة، قد تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع الدول الأوروبية التي تطالب بتسليمه.

في جميع الاحوال، وبغض النظر عن النتيجة، من المتوقع أن يكون لهذا التوقيف تأثيرات كبيرة على المشهد السياسي والاقتصادي اللبناني المتدهور. أي تحرك إضافي قد يعزز من حالة عدم الاستقرار، مما يزيد من الأعباء على المواطن اللبناني الذي يعاني بالفعل من أزمات متعددة.

ان توقيف رياض سلامة هو بلا شك خطوة غير مسبوقة، لكنها تفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول مستقبل هذا الملف. هل ستكون هناك محاسبة حقيقية؟ أم أن سلامة سيستخدم كأداة في لعبة سياسية أكبر ؟ يبقى هذا الملف تحت المراقبة الشديدة، سواء من الداخل اللبناني أو من الخارج، حيث قد تحدد نتائجه مستقبل النظام القضائي والسياسي في لبنان.