Friday, 22 August 2025

جاري التحميل...

جاري التحميل...

عاجل
عودة: دعوتنا أن نظهر مثالا عميقا في احترام المقدسات

عودة: دعوتنا أن نظهر مثالا عميقا في احترام المقدسات

July 20, 2025

المصدر:

وكالة الأنباء المركزية

رأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة، خدمة قداس عيد النبي إيلياس الغيور في كاتدرائية القديس جاورجيوس بحضور حشد من المؤمنين.

بعد قراءة الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "نعيد اليوم للنبي إيليا التسبيتي الغيور، الذي يحتفل بتذكاره جميع المسيحيين بحرارة. هذا النبي الذي عاش قبل المسيح بحوالى تسعمئة سنة، كان أول النساك سكان البرية، كما كان مثالا اقتدى به النساك بعده كالقديس يوحنا المعمدان السابق والصابغ الرب، وجميع الذين تبعوا المعمدان في مناهجه القويمة وعاشوا في البتولية ونكران الذات في البرية، كما نرتل في طروبارية القديس البار أنطونيوس الكبير: «لقد ماثلت إيليا الغيور في أحواله، وتبعت المعمدان في مناهجه القويمة، فحصلت في البرية ساكنا، وللمسكونة بصلواتك مشددا...». إن حياة كهذه كانت بمثابة توبيخ لطريقة عيش الشعب العبراني في زمن النبي إيليا، وستبقى دوما تبكيتا للفساد المستشري في العالم وعنوانه عبادة المال والإستماتة في الحصول عليه، دون التفات إلى القيم والأخلاق والإنسانية، ومطاردة السلطة إرضاء للكبرياء".

أضاف: "النبي إيليا لم يترك أي كتابات، إلا أننا نعرف عنه أكثر مما نعرف عن معظم الأنبياء، بسبب ما كتب عنه في سفري الملوك، اللذين هما من الأسفار التاريخية المهمة في العهد القديم، وعلى من لم يقرأهما، أو قرأهما منذ زمن بعيد، أن يعود إليهما مجددا للإستفادة من مضمونهما، ليس فقط في ما يتعلق بالنبي إيليا، بل بأمور أخرى أيضا. نقرأ في هذين السفرين أن النبي إيليا يدعى التسبيتي، نسبة إلى اسم قريته الواقعة في جلعاد. في زمانه، إبتعد معظم سكان مملكة إسرائيل عن الله، وعبدوا الأصنام مضحين لها بأبنائهم وبناتهم، خصوصا لبعل. فتنبأ إيليا بأن السماء لن تمطر مدة ثلاث سنين ونصف عقابا للشعب، فتوقف المطر، وتبعه جفاف ومجاعة. في ذلك الوقت، كانت الغربان تأتي إيليا بالطعام، تلك الطيور المعروف عنها أنها إذا جاعت تأكل فراخها، لكن الله سخرها لخدمة عبده الأمين. وفي صرفت صيدا، أي صرفند اللبنانية، التي أصابها الجفاف أيضا، كانت هناك أرملة لم تبخل على نبي الله، بل أطعمته ما تبقى لديها من طعام تركته لها ولابنها كي لا يجوعا. ولما مات ابنها توسط إيليا لدى الرب فأقام الإبن من الموت لأن محبتها كانت عظيمة إذ أطعمت إيليا رغم عوزها وشدتها. كانت تعبد بعل فآمنت بإله إيليا، الإله الحقيقي رب السماء والأرض".

وتابع: "إيمان إيليا بالرب كان قويا جدا، وقد تحدى كهنة بعل بأن يقدموا ذبيحة لآلهتهم، وهو يقدم ذبيحة لله، والإله الذي يستجيب بالنار الآكلة للتقدمة هو الإله الحق. لم يشك لحظة بأن الرب إلهه سيستجيب، وهكذا كان. غيرته لرب الصباؤوت جعلته يقضي على كهنة بعل. ثم تنبأ بالمطر، فأمطرت السماء وانتهى الجفاف والمجاعة. بعدما علمت إيزابيل ملكة إسرائيل بما فعله إيليا بكهنة بعل، طلبت نفسه، فهرب إلى مملكة يهوذا. هناك أيضا أطعمه الله عجائبيا بواسطة ملاك، ثم انتقل إلى جبل حوريب في سيناء، حيث هبت عاصفة ولم يكن الله فيها، ثم زلزلة وأيضا لم يكن الله فيها، وكذلك نار لم يكن فيها الرب، إلى أن جاء نسيم عليل، وفيه كان الله، وقد تكلم مع إيليا معلما إياه أن عظمة الرب تظهر عندما يعلن نفسه في صوت ضميرنا الهادئ، وفي أعمال النعمة، بدلا من الآيات الضخمة. بعد ذلك أصعد النبي إلى السماء حيا، على مركبة نارية. عاد إيليا مع موسى ليظهرا في العهد الجديد في حدث تجلي الرب أمام تلاميذه (متى 17)، وبعد التجلي بدأ الرب بالحديث عن الآلام التي سيتكبدها قريبا".

وقال: "إن حياة إيليا كانت مليئة بالعجائب، لكن الأعظم والأكثر فائدة لنا هو فضائله. هذا النبي عرف بتقشفه إذ لم يأكل سوى الطحين والزيت مدة ثلاث سنين ونصف، كما عرف بتواضعه إذ عندما حان وقت انطلاقه إلى السماء لم يرغب أن يعاين أحد الحدث، حتى تلميذه أليشع. كذلك، عرف بغيرته لمجد الله، تلك الفضيلة العظمى التي لازمت إسمه مدى الأجيال، مع أنها الفضيلة التي نتناساها نحن أبناء الكنيسة. فإذا توجه إلينا أحد بكلام أو أفعال تحط من قدرنا وكرامتنا ومجدنا الشخصي، نكون مستعدين  للإنقضاض عليه فورا بألسنة أمضى من حد السيف وبأفعال انتقام لا علاقة لها بالإنسانية، أما إذا أهان أحد مجد الرب، فإننا نتنصل ونهرب بحجة صون حرية الرأي والتعبير، عوض أن نماثل غيرة إيليا، طبعا ليس بالعنف وبطلب نزول غضب الرب، بل بالحوار والقدوة والصلاة إلى الله كي ينير عقل المجدف لكي يرى مجد الله الخالق. إيليا كان رجلا من العهد القديم، حيث كان الرب يسمح أحيانا بالعنف والإنتقام لأن كمال النعمة الإلهية والإستنارة الروحية لم يستعلنا بعد، حتى لأكثر البشر روحانية، كالنبي إيليا. أما نحن فأبناء الإنجيل المقدس، حيث أظهر الرب يسوع للبشرية طريقا أفضل".

وختم: "لذا، دعوتنا اليوم أن نظهر للآخرين، عبر تصرفنا، مثالا عميقا في احترام المقدسات، وإنسانية الإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله، فنرفض التجديف على الله وقديسيه، ونرفض أيضا إذلال الإنسان وظلمه وتجويعه وقتله كما يحصل في عالمنا. وعندما يساء إلينا، نبلسم الجرح بالكلام اللطيف، ونعلم بالقدوة المحبة والتسامح والغفران. كذلك، عندما يتفوه البشر بالتجديف، لا نضحكن أو نقبلن بذلك، وإن كنا لا نستطيع توجيههم نحو الرب، فلنهرب من معاشرتهم، محافظين على الغيرة للرب في قلوبنا كل حين".

 

Posted byKarim Haddad✍️

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ
August 17, 2025

الراعي من قمة الصليب - فاريا: مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة والحياد الإيجابيّ

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي عند قمة الصليب - فاريا، بدعوة من رعية مار شليطا في فاريا، بحضور وزير الاعلام المحامي بول مرقص ممثلا رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، وزير الاقتصاد عامر بساط، النواب: ندى البستاني، شوقي الدكاش، سليم الصايغ ونعمة افرام، الوزير السابق منصور بطيش، رئيس بلدية فاريا جوزف خليل واعضاء المجلس البلدي، رئيس البلدية السابق ميشال سلامة ورؤساء بلديات ومخاتير وشخصيات سياسية ودبلوماسية وأمنية وإعلامية وحشد من المؤمنين.

بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان :"فيتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (متى 13: 43)".

وقال: "هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتلال والبلدات والقرى وصولًا إلى الساحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النفوس الضالّة إلى حضن الله".

اضاف: "يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للإحتفال بالليتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتحيّة كل من له تعب في هذا المقام واصحاب هذه المبادرة، هذه المبادرة التقويّة الذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.
انجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزائل، بل إلى القلب النقيّ الذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتى النهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صارًا نورًا يتلألأ كالشمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.
من على هذا الجبل حيث تلتقي السماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرسالة التي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط إقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصمت والصلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة" .

وتابع: "مزار مار شربل هنا في فاريا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.
فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السلام والإستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الروحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتسبيح لله، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد، آمين" .

وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الأب شربل سلامة كلمة حول شهادة يوحنا المعدان عند رؤية المسيح، وقال :
"هذه الشهادة التي أطلقها يوحنا المعمدان عند رؤيته للمسيح شاهدًا بأعلى صوته لكي يسمع القاصي والداني، أن هذا هو ابن الله، لكي نطلقها اليوم مجدداً، معكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أنتم أيها البطريرك إلى القاصي والداني، من على منبر الجليل المتهلل لكي يكون لنا المسيح هو الخلاص والحياة، الذي نختاره إيماناً وقيماً، ورؤية حياتية، ومستقبلية.

“وأنا رأيت وشهدت” هذه صرخة حق أرادها يوحنا المعمدان نبوءة للمسيح منذ هذه البقعة المباركة، بقعة نهر الأردن – قائلاً: “وأنا رأيت وشهدت” أن هذا هو المسيح المخلص معتَرفاً أن الخلاص المسيحي متجذِّر في أمّ أساسي، في وسط كان الصعوبات والأزمات التي تتوارى علينا، لا وهم الشهادة الحقيقية وإظهارها في كل قول وعمل. حقيقة المسيح التي نؤمن بها أن تكون علامة فارقة في حياتنا ونوراً لنا في ظلمات حياتنا فترى أن الله معنا، وحقيقة كلمة الله التي نعيشها الحياة الحقة، وحقيقة الكنيسة التي نشهد لها أنها هي حياتنا المتمحورة عليها، هي حياتنا الكبيرة."

اضاف :"لا يغيب عن فكرنا أن إيماننا بالمسيح حاجة دائمة لنا للجوء حقيقي، لنسعى لنكتسب الصمود في الشهادة للحق والحقيقة؛ لأننا في المسيح نكون لا يهزمون وقوة غالبة للأشرار، والدفاع عن الحق ضد الظلم، ومن الحقيقة ضد الكذب، ومن الخير ضد الشر، ومن النعمة ضد الخطيئة.

“وأنا رأيت وشهدت” عهدنا المسيحي أن نعمل على أخذ المواقف الصحيحة للقاء الحق، وعلى حمل المسؤوليات ضميرية حول أمانتنا لما نرى ونؤمن ونشهد عام اهتمت به القلوب والصعوبات. وحبنا الحقيقة في دعائنا للرب أن يسمع لنا لنتمسك بها لنكون أمناء للحقيقة التي نعيش.

هذا إيماننا، هذا يقيننا، هذا عهدنا الذي نعيشه ونقدمه على الدوام."

وتابع الاب سلامة :“وأنا رأيت وشهدت” هكذا يهدي الصوت في قلب كل شاهد، ويرتفع في حياته أن تكون شهادته للإيمان، لكي يبقى في الحياة ويتبع من هو “الطريق والحق والحياة”. هكذا يكون كل إنسان تقي وخادم للكنيسة، يتنسم في فضاء النضال ليصل إلى ميناء الخلاص. أيها الأحبة، نرفع ابتهالنا ونصلي من أجلكم مع مطرانكم إلى ابننا الطريق، إلى ابننا الحياة، فهذا إيماننا، فلتكن هذه البقعة المباركة بيروتها قلوبنا وصدى نابع من حقيقتها أن الله في حياتنا ونشهد شهادة مسيحية صادقة. "

وختم الاب سلامة: "نشكر لكم حضوركم يا صاحب الغبطة والبطريرك بيننا، مع السادة الأساقفة، والكهنة، والشمامسة، والجوقة، ومع هذا الجمهور المبارك من فاعليات سياسية، وبلدية، وكل المؤمنين الحاضرين. ولكن يبقى عطاؤكم لنا، صامدين بوجه الصعوبات والمشاكل كافة، شهوداً للحق والحقيقة، بصلابة أمانة يوم الغدارات، سلطانة الانتقال، وشفيع القديسين. آمين."

بعدها توجه البطريرك الراعي والحضور الى منزل رئيس البلدية السابق ميشال سلامة حيث القيت كلمة ترحيبية عفوية بالبطريرك "الذي يزور فاريا والقديس شربل ، قديس لبنان الذي غير العالم بعظمة قداسته ويرفع عن لبنان امورا ثلاثة : الشدة والظلم والمآسي."
وفي الختام قطع البطريرك الراعي والوزير مرقص قالب حلوى بالمناسبة.

 

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير
August 17, 2025

في إنجيل الزارع البطريرك الراعي يُسقط المثل على واقع الوطن: الشوك والمصالح تُخنق الخير

رحّب البطريرك الماروني الكاردينال ماربشارة بطرس الراعي، خلال قداس الأحد في الديمان، بـ"القيّمين على القطاع الزراعي وزير الزراعة الدكتور نزار هاني والمدير العام للوزارة المهندس لويس لحود وقد تابعنا منذ تشكيل الحكومة الاسلوب الراقي بالتنسيق والتعاون بينهما لمصلحة القطاع الزراعي. ونحيي مبادرة وزارة الزراعة بدعوة المزارعين للمشاركة في القداس والصلاة سنويًّا على نية هذا القطاع في كلّ عام منذ سنة 2021 في الصرح البطريركي في بكركي وقد اتفقنا مع المدير العام على اقامة هذا القدّاس في كرسينا في الديمان تأكيدا على دور المزارعين في قضاء بشري واقضية الشمال"، كما رحّب بـ"المزارعين والعاملين في القطاع الزراعي من كل المناطق اللبنانية وبإقليم جبّة بشرّي، التابع لكاريتاس لبنان. وهم في قدّاس الشكر السنويّ على حملة المشاركة 2025، بموضوع: إيمان، إنسان، لبنان. واحيي رئيس الرابطة الاب ميشال عبود مع كل معاونيه".

وقال في عظة القداس الإلهي على نيّة المزارعين: "إنجيل اليوم يروي كيف أنّ بعض الحبّ وقع على قارعة الطريق فأكلته الطيور، والبعض الآخر سقط على أرض حجرة فنبت للحال ولكنّه يبس لأنّ لا جذور له، وبعضه سقط بين الشوك فخنقته، وبعضه في الأرض الطيّبة فأثمر ثلاثين وستين ومئة. هذه الصورة تنطبق على حياتنا الروحيّة، وعلى حياتنا الوطنيّة، فالأرض الجيّدة هي القلوب المؤمنة، والضمائر النظيفة، والأيادي الأمينة. أمّا الطريق والأرض الحجرة والشوك فهي القلوب القاسية، والمصالح الضيّقة، والطموحات الأنانيّة التي تخنق خير الوطن".

أضاف: "ليست الأرض فقط مصدر رزق، بل هي هويّة وجذور. من يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه. ليست الزراعة قطاعًا ثانويًّا، بل هي ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم بدل الهجرة والنزوح"، مؤكداً أنّ "أجل الأرض تُشكّل عنصرا جوهريا من الهوية الوطنية وهذا ما شكّل حافزًا للبطريركية والابرشيات والرهبانيات وابناء الكنيسة لاستثمار الاراضي في مجال الزراعة . إنّ تعاونها المستمر مع الكليات الزراعية والجمعيات والنقابات والتعاونيات تبقي المزارع في أرضه وتحدّ من النزوح والهجرة وبيع الاراضي الزراعية".

ودعا الراعي الدولة إلى "دعم القطاع الزراعي، وجعله اساسيا في الاقتصاد الوطنيّ، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة وتحسين التكيف مع التغيير المناخي واستدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية"، معتبراً أنّ "دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، نفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها، عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعيّ. فيستطيع لبنان أن ينهض، إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات".

وقال: "إنّ دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، ويحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله"، مضيفاً: "إنّا نتطلّع إلى دور الإنتشار اللبنانيّ، متمنّين على المنتشرين في أنحاء العالم مواكبة وزارة الزراعة لتسويق المنتوجات الزراعية النباتية والحيوانية والمونة والصناعات الغذائية، ونناشد الهيئات المانحة احتضان القطاع الزراعي للنهوض به وتأمين شبكة الامان الغذائي وتحويل النظام الزراعي والغذائي اللبناني لنظام اكثر صمودا وتنافسا".

إلى ذلك، نوّه الراعي بـ"جهود مدير عام وزارة الزراعة وموظفي الوزارة في السنوات الاخيرة بتعريف وتسويق  النبيذ اللبناني في الاسواق المحلية والخارجية ،وقد اوصلوه الى العالمية وانتشر في كل قارات العالم ، وقد تجلى ذلك بالانجاز العالمي الجديد الذي يرفع اسم لبنان على خارطة التميز الزراعي والتراثي ، اذ اعلنت المنظمة الدولية للكرمة والنبيذ خلال الشهر الماضي اعتماد مدينة زحلة "مدينة عالمية للكرمة والنبيذ" لتنضم الى تسعة مدن عالمية حازت على هذا اللقب . نبارك لوزارة الزراعة ولزحلة وللبنان".

وتوجّه إلى المزارعين بالقول: "أيّها المزارعون الأحبّاء، أنتم أكثر من عاملين في الأرض. أنتم حرّاس الإرث، وشهود الإيمان، وصنّاع الأمن الغذائيّ. من دونكم الأرض تُهجر، والقرى تخلو، والحقول تتحوّل إلى حجارة صامتة. دوركم ليس فقط في الزرع والحصاد، بل في تثبيت الإنسان في أرضه، ومنع نزيف الهجرة الذي يفرغ لبنان من طاقاته وشبابه:، خاتماً: "فنصلّي اليوم، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل كلّ مزارع، ومن أجل أن يبارك الله كلّ بذار يزرع، وكلّ يد تتعب، وكلّ موسم يُنتظر بفرح. ولله المجد والتسبيح، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".