"VAR الغلابة" في قرية مصريّة يثير إعجاب عشّاق الكرة

بدءاً من استخدام تقنية "الفار" إلى طريقة إسعاف اللاعبين المصابين، لفتت إحدى القرى الصغيرة التابعة لمحافظة الدقهلية (151 كيلومتراً شمال القاهرة) انتباه الآلاف على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر وخارجها، من خلال دورة رمضانية لكرة القدم تجاوزت في يومياتها وتفاصيلها الطريفة ما اعتاده محبّو اللعبة الشعبية الأولى في العالم العربي.

 

قرية "الخيارية" التي يسكنها قرابة 10 آلاف نسمة، استطاعت برعاية جمعية تنمية المجتمع المحلي فيها وبجهود تطوعية من أهلها تنظيم ذلك الحدث الرياضي المتواضع. فهذا تبرع بأرضه للعب عليها، وهؤلاء شاركوا في تنظيفها، والبعض ساهم بجوائز مالية بسيطة لتشجيع اللاعبين المشاركين في المباريات التي تستمر على مدار شهر رمضان، وتخاض مباراتها النهائية اليوم، في ثاني أيام عيد الفطر.ويقول رئيس لجنة المنظمين الكابتن عصام مختار في حديثه لـ"النهار العربي": "نظّمنا هذه الدورة الرمضانية لجمع أهالي القرية وشبابها معاً في عمل نافع اجتماعياً وصحياً، بدلاً من الجلوس في المقاهي، ونشوب المشكلات، ونحلم بأن تخرّج الدورة من بين اللاعبين المشاركين نجوماً لكرة القدم".

ويقول الإعلامي والناقد الرياضي عبد الحميد فراج لـ"النهار العربي" إن الدورات الرمضانية "تقليد مصري متبع منذ سنوات، وله دور مهم في اكتشاف المواهب الكروية".

 

ويؤكد أن "تلك الدورات الرمضانية لعبت دوراً مهماً في تنمية مهارات العديد من اللاعبين الذين صاروا من نجوم كرة القدم المصريين الحاليين، ومنهم نجوم في الأندية الكبرى، وبعضهم صرح بذلك بوضوح في لقاءات إعلامية".

 

أعضاء اللجنة المنظمة للدورة الرمضانية في قرية الخيارية 

 

ويذكر النقاد الرياضي على سبيل المثال أن "محمد صبحي حارس مرمى النادي الإسماعيلي، كان ضمن من اكتشفت مواهبهم في الدورات الرمضانية، وكذلك محمود عبد الحكيم الذي أطلق عليه لقب "الحاوي" خلال لعبه في نادي بتروجيت، وكذلك نادي المصري البورسعيدي".

 

شغف الكرة.

 

ويشير فراج إلى أن "بعض نجوم كرة القدم في النادي الأهلي ونادي الزمالك وغيرهما، يحرصون على المشاركة في الدورات الرمضانية، تعبيراً منهم عن أهمية تلك الدورات وفضلها في إظهار موهبتهم".

 

 

جانب من المباريات (تصوير أحمد عبد العزيز)

 

ويرى الإعلامي أن "استخدام بعض منظمي الدورات الرمضانية، لتقنية "الفار"، وتسجيلهم المباريات بالكاميرات وأجهزة الكمبيوتر، يعد أمراً جميلاً، فهذا يساعدهم على مراجعة تلك التسجيلات إذا رُصد خطأ محتمل في التحكيم. وهذا تقليد جيد ويكشف عن محاولات منظمي تلك الدورات للارتقاء بها ولمحاكاة المباريات الرسمية العالمية"، رغم الإمكانات المتواضعة، وهو ما يعكس شغف المنظمين والمشجعين معاً بـ"لعبة الفقراء"، حتى أن أحدهم علّق على صورة غرفة التحكيم المتداولة إنه "فار الغلابة".

 

نجحت الدورة الرمضانية في اجتذاب أعداد كبيرة من أهالي القرية

 

جهود تطوعية

يقول عضو مجلس إدارة الجمعية وأحد منظمي الدورة أحمد عبد العزيز لـ"النهار العربي": "إن كل اللجنة المنظمة من أبناء الخيارية، ونعتمد أساساً على الجهود التطوعية، كما أن اللاعبين هم من أبناء القرية، لكن نظراً لتوسع نشاط الدورة، أخيراً، فقد سمحنا بأن يستعين كل فريق بأربعة لاعبين من خارج القرية".

 

تنظيم تلك الدورة حفز الكثير من الأهالي على المساهمة بها، ويشير عضو مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع في القرية: "لقد تبرع البعض بقطعة الأرض التي يملكها كي نلعب عليها خلال شهر رمضان، وبعض تلك الأراضي كانت مكاناً لإلقاء المخلفات، وبالجهود الذاتية قمنا بتنظيفها وتجهيزها للمباريات، هذا جعل البعض يدعو لاستمرار تلك الدورات في فترات أخرى غير رمضان".

 

وبين الشوطين يقيم منظمو المباراة مسابقات، يتحدث لنا عنها عبد العزيز: "نطرح بعض الأسئلة على الجمهور، وكل من يجيب إجابة صحيحة يحصل على جائزة رمزية. تلك الجوائز يقدمها أهل القرية، كل حسب إمكاناته ومجال عمله، فمثلاً قد يقدم صاحب محل أدوات منزلية مجموعة من الأكواب كهدية للفائز، فيما يقدم آخر مبلغ 500 جنيه مصري (الدولار الأميركي يساوي قرابة 18.5 جنيهاً) كهدية لأفضل لاعب، والبعض يقدم كؤوساً صغيرة  للفرق الفائزة".

ويضيف عبد العزيز: "الناس سعداء بهذا النشاط الرياضي، ونحن كمنظمين نتفنن في إضفاء روح المرح والبهجة علي تلك المناسبة، من خلال القيام بمواقف طريفة، ومنها على سبيل المثال، استخدام صندوق "شنيور" كصندوق للإسعافات الأولية، ونحمل بعض اللاعبين المصابين على نقالات مثلما يحدث في المباريات الرسمية، والإسعاف متوافر على مدار الساعة. نحن نسعى لإفادة أهل قريتنا وإسعادهم قدر استطاعتنا".

 

فريقان مشاركان في مباريات الدورة الرمضانية يستعدان لبدء اللعب