https://www.traditionrolex.com/8


البابا فرنسيس: إنَّ الحرب هي فشل السياسة


On 18 March, 2023
Published By Tony Ghantous
البابا فرنسيس: إنَّ الحرب هي فشل السياسة

"المشاركة هي بلسم على جراح الديمقراطية. أدعوكم لكي تقدِّموا إسهامكم ولكي تشاركوا وتدعوا أقرانكم لكي يقوموا بذلك دائمًا بهدف الخدمة وأسلوبها" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للشباب المشاركين في مشروع "Policoro" التابع لمجلس أساقفة إيطاليا

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي بالفاتيكان الشباب المشاركين في مشروع "Policoro" التابع لمجلس أساقفة إيطاليا وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد اخترتم هذا العام موضوع السلام. إنه موضوع لا يمكنه أن يغيب في التنشئة الاجتماعيّة والسياسية، ولسوء الحظ هو ملّح أيضًا بسبب الوضع الحالي. إنَّ الحرب هي فشل السياسة. تتغذى على السم الذي يعتبر الآخر عدواً. إنَّ الحرب تجعلنا نلمس لمس اليد عبثية سباق التسلح واستخدام الأسلحة لحل الصراعات. لذلك، هناك حاجة إلى "سياسة أفضل"، تفترض ما تقومون به، أي التربية على السلام. إنها مسؤولية الجميع.

تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ السياسة لا تتمتع اليوم بسمعة طيبة، لاسيما بين الشباب. الأسباب كثيرة ولكن كيف لا نفكر في الفساد وعدم الكفاءة والبعد عن حياة الناس؟ هذا هو بالتحديد سبب وجود حاجة أكبر لسياسة جيدة. والفرق يصنعه الأشخاص. يبادر إلى ذهني الحدث البيبلي للملك آحاب وكرم نابوت. أراد الملك أن يأخذ كرم نابوت ليوسع حديقته. ولكن نابوت لم يُرِد ولا يستطيع أن يبيعه، لأن الكرم هذا ميراث آبائه. فغضب الملك وحزن مثل طفل مدلل. فحلّت زوجته الملكة إيزابل المشكلة من خلال القضاء على نابوت بتهمة كاذبة. فقُتل نابوت وأخذ الملك كرمه. يمثل آحاب أسوأ السياسات التي لا تسعى وراء الخير العام وإنما وراء المصالح الخاصة وتستخدم أي وسيلة لإرضائها. آحاب ليس أبًا، بل هو سيِّد، وحكمه هو السيطرة. كتب القديس أمبروسيوس كتيبًا حول هذه القصة البيبلية بعنوان كرم نابوت. في مرحلة معينة، إذ يخاطب أمبروسيوس الأقوياء يكتب: "لماذا تطردون الذين يشاركون في خيرات الطبيعة وتطالبون لأنفسكم فقط بالخيور الطبيعية؟ لقد خُلقت الأرض في شركة للجميع، للأغنياء وللفقراء. إنَّ الطبيعة لا تعرف من هم الأغنياء، لأنها تلد الجميع فقراء على قدم المساواة. عندما نولد لا يكون لدينا ملابس، ولا نأتي إلى العالم محملين بالذهب والفضة. هذه الأرض تضعنا في العالم عراة، مُعوزون للطعام والملابس والمشروبات. إنَّ الطبيعة تخلقنا جميعًا متساوين وتُغلقنا جميعًا بالتساوي في حشا القبر". هذا الكتاب الصغير وإنما الثمين للقديس أمبروسيوس سيكون مفيدًا لتنشئتكم. إن السياسة التي تمارس السلطة كسيطرة وليس كخدمة هي غير قادرة على الاعتناء بالآخرين، وتدوس الفقراء، وتستغلُّ الأرض، وتواجه الصراعات بالحرب.

أضاف الأب الأقدس يقول كمثال بيبلي إيجابي يمكننا أن نأخذ شخصية يوسف ابن يعقوب. تذكرون أنه بيعَ كعبدٍ من قبل إخوته الغيورين وأُخذ إلى مصر. هناك، بعد بعض التقلبات، تمَّ تحريره، ودخل في خدمة فرعون وأصبح نوعًا ما نائب الملك. لكنَّ يوسف لم يتصرّف كسيّد، وإنما كأب: فاعتنى بالبلد؛ وعندما وصلت المجاعة، نظَّم مخزونًا من الحبوب من أجل الخير العام، لدرجة أن فرعون قال للشعب: "اذهبوا إلى يوسف، فما يقله لكم فاصنعوه" - العبارة نفسها التي ستقولها مريم للخدم في عرس قانا مشيرة الى يسوع -. إنَّ يوسف الذي عانى شخصيًا من الظلم، لم يسعَ وراء مصلحته الخاصة وإنما وراء مصلحة الشعب، ودفع شخصيًا من أجل الخير العام، وجعل من نفسه صانع سلام، ونسج علاقات قادرة على تجديد المجتمع. كتب الأب لورنزو ميلاني: "إنَّ مشكلة الآخرين هي مثل مشكلتي. الخروج منها معًا هي السياسة. أما الخروج منها لوحدنا فهو الجشع".

تابع الحبر الأعظم يقول يساعدنا هذان المثالان البيبليان، أحدهما سلبي والآخر إيجابي، لكي نفهم الروحانية التي يمكنها أن تغذي السياسة. أرى جانبين فقط من جوانبها: الحنان والخصوبة. الحنان "هو الحب الذي يصبح قريبًا وملموسًا. إنه الدرب الذي قطعه الرجال والنساء الأكثر شجاعة وقوّة. في خضم النشاط السياسي، على الأشخاص الأصغر والأشدَّ ضعفًا وفقرًا، أن يجعلوننا نلين ولديهم "الحق" في أن يأخذوا أرواحنا وقلوبنا. تتكون الخصوبة من المشاركة، والرؤية طويلة المدى، والحوارات، والثقة، والتفاهم، والاصغاء، والوقت الذي نفضيه مع الآخرين، والإجابات السريعة لا المؤجَّلة. تعني أن ننظر إلى المستقبل ونستثمر في الأجيال القادمة، ونُطلق عمليات بدلاً من أن نشغل الفسحات.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأصدقاء الأعزاء، أود أن أختم باقتراحي عليكم الأسئلة التي يجب على كل سياسي جيد أن يسألها لنفسه: "ما مقدار الحب الذي وضعته في عملي؟ في أي مجال جعلت الشعب يتقدّم؟ ما البصمة التي تركتها في حياة المجتمع؟ ما هي الروابط الحقيقية التي بنيتها؟ ما هي القوى الإيجابية التي حرّرتها؟ ما مقدار السلام الاجتماعي الذي زرعته؟ ماذا أنتجتُ في المكان الذي أوكِلَ إليَّ؟". لا يجب أن يقلقكم الدعم الانتخابي أو النجاح الشخصي، وإنما إشراك الأشخاص، وتوليد روح المبادرة، وجعل الأحلام تزدهر، وجعل الأشخاص يشعرون بجمال الانتماء إلى جماعة. المشاركة هي بلسم على جراح الديمقراطية. أدعوكم لكي تقدِّموا إسهامكم ولكي تشاركوا وتدعوا أقرانكم لكي يقوموا بذلك دائمًا بهدف الخدمة وأسلوبها. أشكركم على التزامكم. سيروا قدمًا ولترافقكم العذراء مريم. أبارككم من كلِّ قلبي، وأسألكم من فضلكم أن تصلوا من أجلي.

المصدر: "Vatican news"






إقرأ أيضاً

البابا فرنسيس: الممرات الإنسانية نموذج مرشِد لأوروبا
المطران الياس عوده: انتخاب رئيس لن يصنع العجائب… ولكن!

https://www.traditionrolex.com/8