https://www.traditionrolex.com/8


الكون الفقّاعي... اكتشاف طور انتقاليّ جديد في الكون المبكر


On 05 February, 2023
Published By Tony Ghantous
الكون الفقّاعي... اكتشاف طور انتقاليّ جديد في الكون المبكر

تشبه المسألة إحضار قدر من الماء وتسخينه حتى يغلي. مع وصول الحرارة إلى نقطة الغليان، تتشكل فقّاعات وتنفجر ثم تتبخّر. يستمرّ ذلك حتى غياب أي مياه قبل أن تتحول من سائل إلى بخار. هذه تقريباً هي الفكرة بشأن ما حصل في الكون الباكر جداً، مباشرة بعد الانفجار العظيم منذ 13.7 مليار سنة بحسب ما نقله موقع "ساينس دايلي" عن جامعة الدنمارك الجنوبية.

اقترح هذه الفكرة عالم فيزياء الجسيمات في جامعة الدنمارك الجنوبية مارتن سلوث والباحث في "المعهد النورديّ للفيزياء النظرية" في ستوكهولم فلوريان نيدرمان الذي كان سابقاً باحث ما بعد دكتوراه في مجموعة سلوث البحثيّة.

فقّاعات كثيرة تتصادم

قال سلوث إنّ على المرء تخيّل أنّ فقّاعات تبرز في أماكن مختلفة من الكون الباكر، وقد أصبحت أكبر ثمّ بدأت تصطدم ببضعها. "في النهاية، كانت هناك حالة معقّدة من الفقّاعات المتصادمة، مما أدى إلى إطلاق طاقة وتبخّرت في نهاية المطاف".

إنّ خلفية نظريّتهما عن تغيّرات طوريّة في كون فقّاعيّ هي مشكلة مثيرة جداً للاهتمام مع احتساب ثابت هابل. هذا الثابت هو قيمة سرعة توسّع الكون. يعتقد سلوث ونيدرمان أنّ الكون الفقّاعيّ يؤدّي دوراً هنا. يمكن احتساب ثابت هابل بطريقة موثوقة جداً عبر تحليل إشعاع الخلفيّة الكونيّة مثلاً أو عبر قياس سرعة ابتعاد مجرّة أو نجم متفجّر عنّا.

يرى الباحثان أنّ الطريقتين ليستا موثوقتين فحسب بل معترفاً بهما علميّاً أيضاً. المشكلة أنّ كلتا الطريقتين لا تؤدّي إلى قيمة واحدة لثابت هابل. تدعى هذه المشكلة "توتّر هابل".

هل من خطأ في تصوّرنا للكون المبكر؟

يشرح نيدرمان أنّه في العلوم "يجب أن تكون قادراً على التوصّل إلى النتيجة نفسها عبر استخدام أساليب مختلفة، لذلك لدينا مشكلة هنا. لماذا لا نحصل على النتيجة نفسها حين نكون واثقين جداً بكلا الأسلوبين؟".

يعتقد العالمان أنّهما وجدا طريقة للحصول على ثابت واحد لهابل بصرف النظر عن الأسلوب المستخدم. تبدأ الطريق بمرحلة انتقاليّة وكون فقّاعيّ وبالتالي يرتبط كون فقّاعيّ مبكر بـ"توتر هابل". بما أنّ الأسلوبين موثوق بهما، عندها يمكن ألا يكونا المشكلة. "ربما نحتاج للنظر إلى نقطة البداية، الأساس، الذي نطبّق عليه الأسلوبين. ربما هذا الأساس خاطئ" تابع نيدرمان.

طاقة مظلمة مجهولة

أساس الأسلوبين هو ما يسمّى "النموذج المعياريّ" الذي يفترض وجود العديد من الإشعاعات والموادّ، الطبيعيّة والمظلمة، في الكون الباكر وأنّ هذه كانت الأشكال المهيمنة من الطاقة. تمّ ضغط الإشعاع والمادة الطبيعيّة في بلازما مظلمة وساخنة وكثيفة وهي حالة الكون في أول 300 ألف سنة بعد الانفجار العظيم.

حين تسندون حساباتكم إلى النموذج المعياريّ تصلون إلى نتائج مختلفة حيال سرعة توسّع الكون وبالتالي إلى ثوابت هابل مختلفة. يعتقد سلوث ونيدرمان أنّ شكلاً جديداً من الطاقة كان موجوداً في الكون الباكر.

إذا أدخلتم فكرة أنّ شكلاً جديداً من الطاقة المظلمة في الكون الباكر بدأ فجأة بالتفقّع والخضوع لانتقال طوريّ، تتوافق الحسابات. في نموذجهما، يصل سلوث ونيدرمان إلى ثابت واحد لهابل حين يستخدمان أسلوبي القياس. يسمّيان فكرتهما "الطاقة المظلمة المبكرة الجديدة "نيدي".

التحول من طور إلى آخر: كالسائل إلى البخار

يعتقد العالمان أنّ هذه الطاقة المظلمة الجديدة خضعت لانتقال طوريّ حين توسّع الكون، قبل فترة وجيزة على التغيّر من حالة البلازما الكثيفة الساخنة إلى الكون الذي نعرفه اليوم. وهذا يعني أنّ الطاقة المظلمة اختبرت انتقالاً كما هي الحال مع تغيّر الماء من التجمد إلى السائل فالبخار. في هذه العملية، اصطدمت فقّاعات الطاقة في النهاية بفقّاعات أخرى مطلقةً الطاقة في خضمّ هذا المسار، وفقاً لنيدرمان.

وأضاف سلوث: "أمكن أن تكون قد دامت لأيّ مقدار من الزمن بدءاً بفترة قصيرة إلى حدّ الجنون – ربما فقط الوقت الذي يستغرقه تصادم جسيمين – إلى 300 ألف سنة. نحن لا نعلم، لكنّ ذلك أمر نعمل على اكتشافه".

هل نحتاج إلى فيزياء جديدة؟

يستند نموذج الانتقال الطوريّ إلى واقع أنّ الكون لا يتصرّف وفقاً لما يخبرنا به النموذج المعياريّ. قد يبدو جنوناً علميّاً إلى حدّ ما اقتراحُ وجود خطب معين في فهمنا الأساسي للكون؛ أن تتمكنوا فقط من اقتراح وجود قوى أو جسيمات مجهولة حتى الآن لحلّ توتر هابل.

"لكن إذا وثقنا بالملاحظات والحسابات، فيجب علينا أن نقبل بأنّ نموذجنا الراهن للكون لا يستطيع تفسير البيانات، وبعدها علينا أن نحسّن النموذج. لا عبر التخلي عنه وعن نجاحه لغاية اليوم، لكن عبر التوسّع فيه وجعله أكثر تفصيلاً كي يتمكّن من شرح البيانات الجديدة والأفضل"، قال سلوث. وأضاف: "يبدو أنّ انتقالاً طوريّاً في الطاقة المظلمة هو العنصر المفقود في النموذج المعياري الراهن لتفسير القياسات المختلفة لوتيرة توسع الكون".

ما سرعة توسّع الكون؟

ثابت هابل هو قيمة سرعة توسّع الكون. بحسب نموذج سلوث وفلوريان، ثابت هابل هو 72. تقريباً. في نهاية المطاف عند قياس مسافات ضخمة، يجب السماح بعدم اليقين على مستوى القليل من الكسور العشريّة. لكن ما الذي يعنيه رقم 72؟

هو يعني 72 كيلومتراً في الثانية لكل ميغابارسك. الميغابارسك هي وحدة قياس بين مجرّتين مثلاً وهي تساوي 30 مليار مليار كيلومتر. لكلّ ميغابارسك بيننا وبين مجرّة مثلاً، تبعد المجرّة عنّا 72 كيلومتراً في الثانية.

حين تقيسون المسافة إلى المجرّات عبر المستعرات العظمى، تحصلون على ثابت هابل يساوي تقريباً 73 (كلم/ث)/ميغابارسك. لكن حين تقيسون أول جسيمات خفيفة (إشعاع الخلفيّة الكونيّة) يصبح ثابت هابل 67.4 (كلم/ث)/ميغابارسك.

حين غيّر سلوث ونيدرمان أساس هذه الحسابات عبر إدخال طاقة مظلمة جديدة وباركة تخضع لانتقال طوريّ يصل كلا أسلوبي الحسابات إلى ثابت هابل عند نحو 72.

 

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

كيف غيّرت "بوينغ 747 " عالم الطيران؟
باحثون من جامعة تورونتو يعملون على تطوير نظام تحديد الموقع بالصدى للروبوتات الصغيرة

https://www.traditionrolex.com/8