مستعمرات على القمر... مصنوعة من الفطر؟

قد يمثّل الفطر مستقبل السفر عبر الفضاء. إن لم يكن هذا الموضوع غريباً بما يكفي، ففكرة بناء هياكل مصنوعة من الفطريّات على القمر تصبح أكثر غرابة. لكنّها فكرة غير خياليّة. على العكس من ذلك، إنّها منطقيّة وأكثر؛ هي عمليّة ومثمرة أيضاً. أو على الأقلّ، لديها إمكانيّة كبيرة لتكون كذلك. يشرح نِك هيلدن هذا الأمر في موقع "أسترونومي".

بعد سنتين تقريباً، من المقرّر أن يتّجه مشروع نحو القمر لاختبار ما إذا كانت الـ mycotecture أي استخدام الفطريّات لغايات هندسيّة، يمكن أن تلعب دوراً محوريّاً في مساعدة البشريّة على بناء المساكن الفضائيّة الأولى على القمر أو في أماكن أبعد.

يعدّ هذا المشروع من بنات أفكار كريس مورر وفريقه في مختبر ريدهاوس بكليفلاند. يجري الفريق أبحاثه بالتعاون مع "ناسا" ومركز البتات والذرات في "معهد ماساشوستس للتكنولوجيا". وتقنيّة البناء هذه التي قد تغيّر قواعد اللعبة بسيطة بشكل مدهش.

هكذا تُصنّع المادّة

من خلال تطبيق "زوم" أظهر مورر لهيلدن أنبوباً معدنياً استخرج منه سلسلة من حزم الطحالب الخضراء. إنّها الـchaetomorpha المخصّصة كي تصبح طعاماً للفطر. بمجرّد إضافتها إلى قالب ينفخ بالماء، تنمو الـchaetomorpha إلى شكلها المحدّد قبل أن يضيف العلماء الغزل الفطريّ وهو البنية الشبيهة بالجذور التي ينمو منها الفطر. يأكل الغزل الفطريّ الـ chaetomorpha مالئاً القالب أثناء تطوّره وتوسّعه إلى شكله البنيويّ المرغوب.

في هذه المرحلة يتمّ استخدام الهواء لضغط الغزل الفطريّ حتى يتحوّل إلى مادّة كثيفة شبه صلبة. بعدها يتمّ طهيها لجعل لبنة البناء الفطريّة أصلب كما لقتل أيّ كائنات حيّة يمكن أن تلوّث البيئات خارج كوكب الأرض. المادّة الفطريّة المنتجة تتمتّع بنسيج رغويّ يشبه الجصّ.

بناء قواعد على القمر بالفطر

لقد تطوّر مفهوم بناء الهياكل بالفطريّات المضغوطة إلى ما هو أبعد بكثير من المرحلة النظريّة، حيث يستخدم فريق مورر مساراً مشابهاً لتنمية وبناء المواد الفطرية هنا على الأرض. وقد طوّر نماذج اختباريّة لنسخ خارج كوكب الأرض أيضاً.

قال مورر إنّ المادّة الفطريّة المعزّزة بالبلاستيك "قويّة جداً". مع ذلك، "هي ليست أبداً قويّة بما يكفي للبناء على الأرض. بالطبع، لدى الأرض المزيد من الجاذبيّة، لهذا السبب أنت بحاجة لمواد أقوى هنا. حين نكون ذاهبين إلى القمر والمريخ، الأمر الكبير الذي ينبغي أن نقلق بشأنه هو الضغط الطرديّ للبيئة الداخلية التي ستحتوي على الهواء بينما لن يكون ثمة هواء في الخارج."

منافع البناء بواسطة الفطر

بينما لا يزال يتوجب اختبار المادة الفطرية في الفضاء، الباحثون واثقون أنّها قادرة على تحقيق سلامتها البنيوية بفعل مزيج المادة نفسها والقالب البلاستيكي الذي يحتويها. وستكون أيضاً مقاومة للحريق وعازلة. علاوة على ذلك، إنّ نهج الهندسة الفطرية للبناء في الفضاء تحلّ مشكلة أخرى متّصلة بالبناء في الفضاء: قضية الكلفة.

إن واحداً من أكبر العوائق في تشييد الأبنية خارج كوكب الأرض هو الكلفة الهائلة لنقل مواد البناء. حالياً، يفرض إرسال أيّ مادة إلى القمر كلفة ضخمة. بالتالي، إنّ إرسال مواد مضغوطة للغاية وخفيفة الوزن مثل الطحالب الناشئة وبذور الفطر والقوالب البلاستيكيّة الرقيقة، ثم العمل على تطويرها إلى بنى أكبر بكثير يتمتع بجاذبيّة هائلة.

هذه الكلفة المنخفضة هي الدافع الجزئيّ وراء توقيع "المجلس الاستشاريّ الوطنيّ للبنية التحتية" على المشروع، وقد أعلن مسؤول في وكالة "ناسا" أنّه يمثّل أعظم تعاون علميّ رآه منذ مهمّات أبولو وفقاً لمورر الذي قال: "أنا فخور جداً بذلك".

من المقرّر مبدئياً أن تصل النماذج الفطريّة لمورر إلى القمر سنة 2025.

المصدر: "المصدر: النهار العربي"