https://www.traditionrolex.com/8


هل تُنقذ محطات تحلية المياه الموسم الزراعي في المغرب؟


On 01 December, 2022
Published By Tony Ghantous
هل تُنقذ محطات تحلية المياه الموسم الزراعي في المغرب؟

في وقت يطمح المغرب إلى تحقيق اكتفائه الغذائي الذاتي، شأنه شأن العديد من الدول، وهو ما حتمته الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في شباط (فبراير) الماضي، يواجه المزارعون المغاربة صعوبات عديدة لإنجاح موسمهم الزراعي، لكن أهمها يبقى الجفاف الذي يستنزف مواردهم.

وسعت المملكة منذ سنوات إلى الاعتماد على محطات تحلية المياه من أجل التخفيف من حدة أزمة الجفاف التي تضرب البلاد، وهو ما يثير اليوم تساؤلات عديدة عن مدى قدرة هذه الآلية على إنقاذ المزارعين، لا سيما أنه في العديد من المدن على غرار مدينة أغادير الساحلية يتم الاعتماد على محطات تحلية المياه في الري.

دفعة قوية للزراعة

تُقر السلطات في المغرب بأن البلاد تواجه أسوأ أزمة جفاف منذ عقود، وهو ما أجبرها على التفكير في حلول وبدائل لوضع حد لحالة الإجهاد المائي التي باتت تهدد جدياً بتقويض مساعيه لتحقيق اكتفاء ذاتي من الحبوب، لا سيما في ظل الأوضاع الجديدة على الساحة الدولية.

وأشاع توجه المملكة نحو إنشاء المزيد من محطات تحلية مياه البحر أجواء من التفاؤل، لكن قدرتها على إنقاذ المواسم الزراعية تبقى محل شك، بحسب متخصصين.

وقال عبد الرحيم واسلم، النائب عن دائرة الرباط عن "حزب التجمع الوطني للأحرار" الذي يقود الائتلاف الحاكم في البلاد، إن "محطات تحلية المياه في المغرب وغيره ليست الحل، لكنها جزء منه لأن الحل هو التعامل مع موارد المياه كلها، المياه الطبيعية وتلك التي تأتي من محطات تصفية مياه البحر، وحتى محطات تحلية المياه ملوحتها قليلة".

وتابع واسلم، وهو مهندس دولة خبير في المياه والبنى التحتية والمنشآت الطاقية، في حديث إلى "النهار العربي"، أن "محطات تحلية المياه جزء مهم من الحل، خصوصاً في المناطق القريبة من البحر، وفي المغرب لدينا تجارب محطة أغادير ومحطة الدار البيضاء وغيرهما، وهذه المحطات تعطي دفعة قوية للفلاحة والمحافظة على الموارد الطبيعية".

ورأى أن "مشكلة المياه في المغرب ليست جديدة، وهي مشكلة بعيدة المدى وبنيوية بالنسبة إلى المنطقة بحكم مناخها، والمغرب عرف مشاكل على مستوى المياه منذ أمد بعيد وكانت دوماً من أولويات الدولة، لا سيما أن صاحب الجلالة أعطى أهمية كبرى للمعضلة". 

وأوضح واسلم أن "الطبيعة السوسيولوجية للمواطن تغيرت، ولذلك كان خطاب الملك محمد السادس توجيهاً لإنجاح البرامج والاستراتيجيات لمواجهة هذه المشكلة، وأن تكون هذه الاستراتيجيات ناجعة، وتم إعطاء موارد مالية هامة في الموازنة الجديدة للمشاريع المائية"، لافتاً إلى أن "قانون الماء هو قانون من الطراز الرفيع ويتم تسريع تنفيذ مضامينه".

وكان الملك محمد السادس قد اعتبر في الجلسة الافتتاحية للسنة البرلمانية الجديدة أن "إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، بخاصة أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من 3 عقود".

 

ولفت الملك إلى أن "المغرب صار يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي. ولا يمكن حل كل المشاكل، بمجرد بناء التجهيزات المائية المبرمجة، رغم ضرورتها وأهميتها البالغة".

وبحسب إحصاءات رسمية، فإن القطاع الزراعي يساهم بما قيمته 14 في المئة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، وهو ما يجعل فرضية تراجعه تدق ناقوس الخطر لدى صناع القرار في البلاد، بخاصة أنه سيطال عدداً مهماً من المزارعين والعمال.

وتشكل اليد العاملة في قطاع الزراعة في المملكة 38 في المئة من إجمالي العمال، فيما تُعد الحبوب المحصول الرئيسي في البلاد إذ يحتل 55 في المئة من المساحات المزروعة.

حل غير كاف

وكان وزير الفلاحة المغربي محمد صديقي قال في جلسة برلمانية سابقة إن الموسم الفلاحي الحالي ينطلق في ظل عجز في مخزون مياه السدود المخصصة للري.

وأضاف صديقي أن "التساقطات المطرية إلى غاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لم تتعد 21.8 ملليمتراً، وأن مخزون السدود لم يتعد 3.2 مليارات متر مكعب، بنسبة ملء تبلغ 24 في المئة، أي ناقصاً 32 في المئة مقارنة بالموسم الماضي".

وعلق الباحث في مركز شمال أفريقيا للدراسات والبحوث وتحليل السياسات العمومية عبد المنعم الكزان بالقول إن "الأرقام التي قدمها وزير الفلاحة تنذر بصعوبات قد يواجهها الموسم الفلاحي، خصوصاً أن توجيه الماء إلى الشرب يبقى أولوية الأولويات بالنسبة إلى أي دولة، وعليه فإن استراتيجية الحكومة اتجهت إلى الري التكميلي بحسب المناطق أي بالتناسب مع حاجيات الشرب للسكان ومدى حاجيات الأشجار المثمرة بالدرجة الأولى، والاستفادة من الأمطار التي سقطت في الأسابيع السابقة بالنسبة إلى الخضروات والأعلاف".

ولفت الكزان في حديث إلى "النهار العربي" إلى أن "ترشيد المياه من أولويات السياسات العمومية منذ تجاوز عهد الحماية، بحيث إنه انطلق في استراتيجية بناء السدود منذ 1964. وفي المغرب 149 سداً كبيراً، بالإضافة إلى السدود الصغرى والمتوسطة". 

واستدرك الباحث المغربي بالقول: "لكن التحولات المناخية في العقود الأربعة الأخيرة - معدل هطول الأمطار للموسم الحالي هذه السنة في المغرب هو الأدنى منذ 41 عاماً - حتمت على الدولة المغربية ضرورة دعم سياسة السدود باستراتيجيات أخرى، إذ خصصت الحكومة المغربية في مشروع قانون الموازنة لسنة 2023، ما يناهز 10.6 مليارات درهم لتدبير إشكالية أزمة المياه التي يعانيها المغرب".

واستنتج أن "التحول الطاقي الذي عرفه المغرب في السنوات الأخيرة، سواء الشمسية منها أم الريحية، شجع على إنشاء العديد من المحطات البحرية للتحلية التي وصلت إلى 9 محطات كالدار البيضاء وأغادير وكلميم وطنجة ثم اشتوكة أيت باها الأكبر في أفريقيا، في إطار البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب ومياه السقي للفترة 2020-2027، والمخطط الوطني للمياه لسنة 2030، والمخطط الوطني للمياه 2020- 2050".  

إجراءات مستعجلة

ورأى الكزان أن محطات التحلية لم تصل إلى المستوى الذي يمكن الاعتماد عليه لحل معضلة المياه، لذلك تُعد السلطات مجبرة على اللجوء إلى إجراءات أخرى وصفها بالمستعجلة.

وقال إنه "بالإضافة إلى شبكات الربط المائي البيني، أي بين السدود التي تتوافر على كميات كبيرة والسدود التي تصل نسبة ملئها إلى المستوى المطلوب كما هي الحال في مصب نهر سبو إلى سد سيدي محمد بن عبد الله، بعد التراجع الكبير في جهة الرباط سلا القنيطرة، هناك مجموعة من الإجراءات المستعجلة لحل مشكل المياه".

وتابع أن "147 مليون متر مكعب لا تكفي حتى للشرب، بالتالي لا يمكن أن تعتبر حلاً كافياً لإنقاذ الموسم الفلاحي، خصوصاً في المناطق البعيدة من البحر، وبالتالي أعتقد أن إنقاد الموسم الفلاحي يجب أن يتخد ثلاثة منطلقات، أولها الاستمطار الاصطناعي ثم شبكة الربط البيني بين السدود والأنهر في المناطق الداخلية، وأخيراً تحلية مياه البحر في المناطق الساحلية، في أفق استكمال استراتيجيات بناء المزيد من محطات التحلية الكبرى والتي تحتاج في المعدل ثلاث سنوات من الأشغال".

المصدر: النهار العربي

صغير الحيدري

المصدر: "المصدر: النهار العربي"






إقرأ أيضاً

السعودية توقّع مذكّرة تفاهم مع شركة إسبانية لبناء سفن قتالية
روسيا تستبق تهديدات تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية لشمال سوريا

https://www.traditionrolex.com/8