https://www.traditionrolex.com/8


تعلّموا من المسيح، كيف تضعون برنامج عملكم


On 28 May, 2022
Published By Tony Ghantous
تعلّموا من المسيح، كيف تضعون برنامج عملكم

بعد انتخاب مجلس نيابي جديد، تسلّط أضواء اللبنانيين والعالم، على أيّ برنامج عمل تشريعي وتنفيذي سيضعه النواب ومجلس الوزراء، لإخراج لبنان واللبنانيين من هذه الضائقة الكبيرة التي يمرّون فيها. لهذا، كيما يكون برنامج عملكم فاعلاً وعملياً يلامس حاجات الناس وسط كثرة الأولويات، فإني أقترح عليكم أن تتعلموا من المسيح، كيف تضعون برنامج عملكم، وتحدّدوا الأهداف التي تريدون تحقيقها.

يخبرنا إنجيل لوقا أن المسيح، في بداية خدمته، دخل المجمع في مدينة الناصرة حيث تربى. وقرأ من سفر أشعياء، برنامج العمل التالي: فقال "روح الربّ عليّ لأنه مسحني: لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق، وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرية، وأكرز بسنّة الرب المقبولة" (لوقا 4: 18-19 ). تضمّن برنامج عمل المسيح: بشارة للمساكين. شفاءً لمنكسري القلوب. إطلاقاً للمأسورين. إعادة البصر للعمي. تحريراً للمنسحقين. والكرازة بسنّة الرب المقبولة. من برنامج العمل هذا، نكتشف طبيعة خدمة المسيح، التي لم توجّه فقط الى الجانب الروحي من حياة الانسان، أي تصحيح علاقته الروحية مع الله، بل تشمل كل الانسان، بجوانبه الروحية والنفسية والاجتماعية.

من أهم مكوّنات إرسالية المسيح، المكوّن الأول، الذي هو نقل البشارة، أو الخبر السار عن محبّة الله وخلاصه للمساكين. تعني كلمة "مسكين" بالأصل اليوناني "فقير". تحمل هذه الكلمة معنيين: الأول، "الفقير في المادّة والمال". والثاني، "الفقير في الروح". بالنسبة للمعنى الأول، يخصّص البشير لوقا مساحة هامة في إنجيله ليتحدث عن رسالة الله للفقراء مالياً واقتصادياً، وذلك ليس لأن رسالة الله غير موجّهة للأغنياء، بل لأن الفقراء اقتصادياً يميلون الى الاعتماد على الله وإلقاء رجائهم عليه أكثر من الأغنياء. فتجاوب الفقراء مع الإنجيل هو بالإجمال أسرع وأسهل من تجاوب الكثير من الأغنياء. أما بالنسبة لكلمة "مسكين" أو "فقير" في المعنى الروحي، فإن الفقير في الروح، هو الذي يؤمن بأنه مفلس روحياً أمام الله، وهو لا يملك أيّ غنى، لا في حياته الأخلاقية ولا في إنجازاته، بل كل غناه هو في الله، الذي بحضوره معه يفيض عليه بركاته ويثري حياته.

المكوّن الثاني: شفاء القلوب المنكسرة، القلوب التي تعرّضت للحزن والألم والضيق. فكلام المسيح وحضور الله يلبسم الجراح ويشفي القلوب وما أكثر القلوب المنكسرة في هذه الأيام، لا سيما قلوب أهالي ضحايا 4 آب، وكل أنواع المنكسري القلوب، الذين إما فقدوا أولادهم، أو رزق عيشهم، أو تعويضاتهم، بسبب الأزمة المالية، ووضع البنك المركزي يده على أموال الناس، في هذا الوطن الحبيب الجريح.

المكوّن الثالث: إطلاق المأسورين، وإرسال المنسحقين في الحرية. في هذا المكوّن، يظهر اهتمام المسيح بحياة أولاده في المجتمع. لقد اعترض المسيح على كل أنواع الأسر والظلم والاستبداد الروحي والاجتماعي. لكنّ لهذا المكوّن وجهاً روحياً أيضاً، يأخذ المكانة الأولى في برنامج عمل المسيح. فالمعنى الروحي "للإطلاق من الأسر"، هو إطلاق من أسر الخطيئة، التي تكبّلنا وتأسر فكرنا وحياتنا وإرادتنا بسلطانها القوي علينا. إن نفس الكلمة اليونانية، التي تُستخدم لوصف عملية إطلاق الأسير من الأسر، تُستخدم أيضاً لوصف غفران الخطايا أو تحرير الخاطئ من أسر الخطيئة له.

المكوّن الرابع، هو المناداة بالبصر للعمي. وقد رأينا في الأناجيل كم من العميان شفاهم المسيح وأعاد إليهم بصرهم. وكم الحاجة كبيرة في هذا الأيام للأدوية، وسط فقدانها واحتكارها. لم يقصد المسيح بالعميان فقط الذين فقدوا قدرتهم على الرؤية، لكنه قصد أيضاً أولئك الذين فقدوا البصيرة الروحية، فلم يعودوا قادرين على رؤية عمل وقوة الله، بالرغم من عيونهم المنفتحة. بعد إعلان المسيح عن برنامج عمله هذا، أغلق سفر أشعياء النبي وقال لهم: "اليوم، قد تمّ هذا المكتوب في مسامعكم" (لوقا 4: 21).

في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلادنا، وإذ أصبح المساكين والفقراء والمنسحقون والمنكسرو القلوب، كثراً، فيا ليت نوابنا، والحكومة العتيدة، يقلّدون المسيح في وضع برنامج عملهم، ليخفّفوا من أوجاع الناس وآلامهم، وكيما يتحقّق التغيير الذي نطمح إليه ليكون لنا لبنان أفضل بمشيئة الله، ونعمة القدير.
المصدر: "النهار"القس سهيل سعود

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

الزوجة الأولى يجب أن تعين الزوج على الزواج بثانية... كيف رد الأزهر؟
وفاة الكاردينال سودانو مساعد يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر

https://www.traditionrolex.com/8