70% من البرامج الانتخابية تحدّثت عن الصحة... 20 عاماً على وعود فضائية!


On 12 May, 2022
Published By Tony Ghantous
70% من البرامج الانتخابية تحدّثت عن الصحة... 20 عاماً على وعود فضائية!

قبل أن يُسيطر "داعش" على عدد من المحافظات العراقية ويستولي على كمّيات ضخمة من الأسلحة، كانت أعداد العسكريين في تلك المحافظات تبلغ عشرات الألوف على الورق، لكنّها في الواقع لم تكن كذلك، وقد نعت العراقيون أولئك الجنود بالفضائيين!

 

كذلك هي حالنا مع الوعود الانتخابية في لبنان، حيث لا أفعال بل وعوداً فضائيّة، سرعان ما تذروه الأيّام، وتُبدّدها إرادة التنكّر للوعود لدى السياسيين اللبنانيين والقوى المسيطرة. ومنذ العام 2000 إلى الـ2022، لا ترى غير برامج انتخابيّة "على مدّ عينك والنظر"، تسابقت على طرح مواضيع أساسيّة، ورفع شعارات رنّانة، تُحاكي وجع الناس، لكن من دون أن تنعكس أفعالاً طوال العهود المتعاقبة وحكوماتها.

 

20 عاماً، والأحزاب السياسية والمرشّحون يُحاكون - على اختلافهم - عناوين بارزة لقضايا اجتماعيّة واقتصاديّة وصحيّة، ويدغدغون نقاط ضعف المواطنين لكسب أصواتهم وتأييدهم، فيما السؤال يتجدّد: هل تُراهم صدقوا في وعودهم؟ وماذا لو كانت هذه العناوين العريضة هي نفسها منذ العام 2000 وحتى اليوم؟ وهل علينا أن نصدّق الذين وعدوا بالإصلاح الصحيّ ولم يحقّقوا أيّاً من هذه المشاريع طوال فترة نيابتهم؟

 

يشرح مدير مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فادي الجردلي خلاصة الدراسة التي أجراها المركز عن برامج القوى السياسيّة "التقليديّة" و"التغييريّة"، فيقول: نحن أمام استحقاق مهمّ وأساسي.

 

وفي المقابل، نحن نمرّ بأصعب الأزمات، سواء على الصعيد الاقتصاديّ والصحيّ والبيئيّ والنقديّ، ونحتاج إلى مجلس نيابيّ يتحمّل مسؤوليّة، ولديه الكفاءة. لذلك لدى الناخب فرصة استثنائيّة لإختيار مرشحيه، ولكن يبقى السؤال الأهم على أي أساس ننتخب المرشح؟هل فعلاً خياره مبني على البرنامج الانتخابي أم اختياره تيمناً بالطائفة والحزبية؟

لذلك تفرض الحاجة اليوم لنسأل من هو المرشح الذي يمثلني انمائياً من خلال المشاريع الانقاذية؟ وللعمل بهذا المفهوم، نحن بحاجة إلى تغيير البيئة الانتخابية التي تعتمد بشكل أكبر على البرامج والأهداف أكثر من المذهبية والتبعية السياسية.

 

وانطلاقاً من ذلك، أجرى مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت دراسة لتقييم البرامج الانتخابية ومدى استيفائها للشروط العلميّة ( هل تستوفي العملية الشفافية أم هي وعود عابرة للزمن؟) والهدف منها مساعدة المواطن في اختياره لعدم اعتماده على الشخصنة والمحسوبية، وتحفيز المرشّحين على تطوير برامجهم والمنافسة في ما بينها، ليكون الاختلاف على الرؤيا والأولويات؛ وهذا ما نحتاج إليه أن يكون هناك برامج متطورة تحاكي الاحتياجات، ومناظرات مثلما نشهد في العالم.

 

وعليه، كانت الدراسة بمثابة رسالة إلى المواطن كما المرشح لتقديم برامج انتخابية مختلفة عمّا شهدناه سابقاً.

 

ويشير الجردلي إلى أنّه "تمّت دراسة نحو 17 برنامجًا انتخابيًّا، فكان واضحاً أبرز الأولويات المطروحة، وأهمّها الاقتصاد، الصحّة، التعليم، النظام القضائي، البيئة، اللامركزية، الدولة المدنية، الكهرباء، انفجار مرفأ بيروت والأمن الغذائي والسّكن. وطُرحت هذه القضايا أو العناوين العريضة من قبل القوى التقليدية والقوى التغييرية على حدّ سواء.

 

وكان لافتاً القواسم المشتركة بين الطروحات بالرغم من اختلاف الرؤية، فيما كانت المشكلة الأساسية في غياب تحديد الجدول الزمنيّ ومؤشّرات قابلة للتقييم، بالإضافة إلى غياب الأدلّة والبراهين. لذلك، تسليط الضوء على هذه الثغرات يهدف إلى تطوير البرامج حتى تستوفي شروطًا معيّنة مثل باقي الدول.

 

 

ولكن ماذا عن مشروع الصحّة الذي احتل حيزاً كبيراً في البرامج الانتخابية اليوم؟ يؤكد جرادلي أن الصحة كانت القضية الثانية المطورحة بشكل موسع في البرامج الانتخابية بنسبة 70% في حين كان الاقتصاد ركيزة البرامج بنسبة 100%. أما أهم العناوين الصحية الرئيسية التي طُرحت في مختلف البرامج الانتخابية تمثلت بالتغطية الصحية الشاملة، توفر الدواء، إطلاق البطاقة الصحية، توحيد الصناديق الضامنة، ضمان الشيخوخة، إصلاح صندوق الضمان الاجتماعي، تعزيز مراكز الرعاية الصحية الأولية ودعم المستشفيات الحكومية وانشاء وتفعيل المختبر المركزي.

في نظرة إلى هذه العناوين العريضة يبدو أنها تلخّص واقع القطاع الصحيّ بكلّ مشكلاته. ولكن يبقى السؤال ما الهدف من هذه الدراسة؟ وهل علينا تقييم هذه العناوين البارزة والمطروحة من قبل معظم البرامج الانتخابية؟

 

يشرح الجردلي أنّ هذه الدراسة "شملت البرامج الانتخابية منذ العام 2000 وحتى العام 2022، وهذا يعني توالي 12 حكومة خلال هذه الفترة. ولكن المفارقة أن الوعود المذكورة في البيانات الوزارية تتلخّص بدعم المستشفيات الحكومية، تعزيز ضمان الشيخوخة والتغطية الصحيّة، تعزيز الرعاية الوقائيّة والصحيّة، وإطلاق البطاقة الصحيّة والدوائيّة وإنشاء المختبر المركزيّ.

 

 

 

في المقارنة بين وعود البيانات الوزارية والبرامج الانتخابية المطروحة اليوم نجد أن لا شيء تحقق من كلّ تلك العناوين والوعود. وبالتالي، كلّ هذه العناوين بقيت وعودًا لم تُطبّق على أرض الواقع؛ واليوم نُعيد تكرار هذه الوعود في البرامج الانتخابية التي أطلقت منذ العام 2000 حتى اليوم.

وانطلاقاً من ذلك، يجب أن يكون المواطن أكثر وعياً، وأن يبحث عن مدى مصداقيّة هذا البرنامج الانتخابي، حسب تعريف الأولويات والمشكلات، ووضع جدول زمنيّ وخطة لتحقيقه.

 

ووفق الجردلي أنّه "من الجيّد أن تحتلّ الصحّة حيّزاً كبيراً في البرامج الانتخابيّة، وأن تكون من ضمن الأولويات، إلا أن الأهمّ أن يكون لدى المرشّحين والأحزاب رؤية واضحة لكيفيّة تنفيذ هذه الوعود، ضمن مدّة زمنيّة وكيفيّة التمويل... ولا يُمكن التعويل فقط على وعود أصبحت عابرة للزمن".

 

نقلاً عن "النهار العربي"

 

المصدر: "النهار"


إقرأ أيضاً

جلسات التّحضير للولادة...خطوة مهمّة لتستعدي لهذه المرحلة الجديدة في حياتك
أطباء يخوضون المعارك السياسية... غرفة عمليات لانقاذ البلد المريض ونسب حظوظ متفاوتة!