https://www.traditionrolex.com/8


ليكون لعزوف الحريري جدواه... ما المطلوب؟


On 26 January, 2022
Published By Tony Ghantous
ليكون لعزوف الحريري جدواه... ما المطلوب؟

كانت الكلمة المقتضبة التي القاها زعيم "#تيار المستقبل" #سعد الحريري، معلناً فيها تعليق عمله السياسي، وقد قرنها بغصة ودمعة عجز عن حبسها، كافية لتؤكد حقيقتين لا لبس فيهما: الأولى ان قرار التعليق لم يكن إرادياً، رغم كل المبررات التي أُعطيت له، بل كان تنفيذاً لقرار سعودي - اماراتي - فرنسي مقروناً بغضِّ نظرٍ أو عدم ممانعة أميركية، سيكون للتطورات المقبلة على البلد محلياً واقليمياً ما يفسره أو حتى يبرره.

الحقيقة الثانية ان الحريري الذي خاض مختلف انواع التسويات، وهو عدَّدها في كلمته، لم يعد جاهزاً لمزيد منها، بعدما بات مقتنعاً بانها لم ولن تؤدي الى وقف ما يخشاه، وهو الانزلاق نحو الحرب الأهلية.

بعزوفه، وهو موقّت، كون قراره قضى بتعليق العمل السياسي وليس وقفه بالكامل، اي ان التعليق سيكون رهناً بمهلة زمنية وبتطورات تبلور موعد العودة عنه واستئنافه، قرر الحريري ان يتوقف عن تغطية "#حزب الله"، من خلال سياسة "ربط نزاع" حكمت البلاد منذ اغتيال والده، حقناً للفتنة المذهبية وانفجار الاحتقان السني - الشيعي في الشارع اللبناني. كما قرر ألّا يكون شاهد زور على ما سينتج عن اكتمال إحكام القبضة ال#إيرانية على لبنان عبر تمدد نفوذ "الحزب" وتوسعه، في مقابل تراجع الرعاية السعودية للقاعدة السنّية في لبنان، وعدم تكليف راعٍ جديد بهذا الدور، رغم المساعي المصرية أو الاماراتية أو الكويتية لمنع سقوط لبنان تحت السيطرة الكاملة لطهران.

يدرك الشارع السنّي ان خروج الحريري لم يكن بإرادته، ويعي ان ما حُمّل من اخطاء أو ارتكابات لا تبرر إخراجه من زعامة الطائفة، فيما يتربع زعماء الطوائف الاخرى على عروشهم بارتكابات توازي أو تتجاوز ارتكابات الحريري الداخل الى الحياة السياسية حديثاً. ولا تخفي شريحة كبيرة من هذا الشارع امتعاضها من التخلي السعودي عنها في مقابل احتضان مكونات سياسية اخرى من خارج الطائفة لن تنجح في شد العصب او استعادة ما كُسر.

قال الحريري كلمته وانكفأ. وبدلاً من انشغال الوسط السياسي في قراءة تبعات هذا الانكفاء، انشغل الوسط السنّي بالبحث في البدائل وملء الفراغات في تصغير مقذع للأزمة وحصرها بحسابات انتخابية وتناتش زعامة أُفرغت من مضمونها، فيما بدأ الحلفاء، كما الخصوم، تقويم الخطوة وارتداداتها في ميزان الربح والخسارة، علماً ان الأسئلة الأبرز لم تُطرح بعد، إنْ عن البُعد الوطني لخروج الزعامة السنية المعتدلة من معادلة الحكم في لبنان، أو عن التوازن السياسي الذي سيفتقده البلد في الصراع الإقليمي المحتدم، أو عن الفراغ الذي سيولّده ليس على صعيد البديل وإنما على صعيد المشروع الوطني. فخروج الحريري اليوم ليس خسارة له بقدر ما هو خسارة للمشروع الذي يمثله وامتدادات هذا المشروع اقليمياً وغربياً.

 

عندما اغتيل الحريري الأب قبل 17 عاماً، ساد الانطباع ان الاغتيال سيطوي صفحة الحريرية السياسية وما تمثله، وتعود الأمور في البلاد الى ما كانت عليه. هكذا اعتقد كثر بمن فيهم السنّة في لبنان حتى اجتاحت المليونية الشعبية العابرة لكل الطوائف شوارع بيروت ووسطها، راسمة مشهدية سيادية غير مسبوقة. كان يمكن او يفترض لهذه المشهدية ان تتكرر بالامس بعد اعلان الحريري، أقله على مستوى أبناء الطائفة، ليس رفضاً لإقصاء زعيمهم، وإنما منعاً لإقصائهم عن الشراكة في الحياة السياسية، الامر الذي سيحصل اذا أُسيء اختيار البدائل الكفيلة بملء الفراغ. ولو تكررت تلك المشهدية على مستوى الشارع السني، لكان يمكنها ان تغير في المعادلة وترسم مشهدية جديدة.

لكن الامر لم يحصل. فما الذي سيحصل الآن، وهل ما اقدم عليه الحريري كان الحل ام ان الحل كان ولا يزال يكمن في العمل من اجل خلق جبهة متراصة تواجه "حزب الله"؟

يشكل هذا السؤال محور نقاشات بدأت على مستوى أوساط وكوادر نخبوية سنية انطلاقاً من معطيين: أولهما ان "الحزب" ومنذ نشوئه كقوة إقليمية فرضت نفسها في الداخل والخارج، لم يكن بمرحلة ضعف او تراجع كتلك التي يمر بها حالياً، وثانيهما ان العهد ليس أفضل حالاً، اذ لم يمر على لبنان ان تعرّض عهد رئاسي لما تعرّض له عهد الرئيس ميشال عون وتياره السياسي. فهل هذا هو الوقت السليم للخروج من المواجهة؟

الثابت لهذا الوسط النخبوي ان قرار الحريري تزامن مع مبادرة خليجية عربية دولية أعمدتها السعودية، الكويت، الإمارات ومصر بمباركة أوروبية أميركية، لها مهمة محددة ومهلة زمنية كذلك، تمدّ الى اللبنانيين عصا وجزرة في آن، وتعيد وضع لبنان على طاولة المسارات الجديدة المفتوحة اقليمياً ودولياً. لكنها بقدر ما تؤمن بالجزرة الممدودة سبيلاً للخروج من الانهيار والافلاس والفقر من خلال عودة لبنان الى حضنه العربي، بقدر ما تهدد بعصا غليظة تتكىء على تطبيق القرارات الدولية وفي مقدمها القرار 1559، وما يعنيه بالنسبة الى جوهر المشكلة المتمثل بسلاح "حزب الله".

في أوساط التيار "المستقبلي" ان هذا القرار اغتال الرئيس رفيق الحريري، فهل خروج الحريري الابن يمنع الاغتيال السياسي؟ ربما.

سؤال يقلق الوسط السني المشار اليه، والذي لا يرى خروجاً من المأزق المقبل على البلاد، وهو حتماً اكبر من ان يوصف بالمأزق، باستنهاض كل القوى نحو موقف او جبهة وطنية سيادية جديدة.

هل هذا ممكن؟ لا مؤشرات حتى الآن الى ذلك.

المصدر: "النهار"

سابين عويس

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

بلا كهرباء... مواقد الحطب ملاذ اللبنانيين من قسوة الشتاء
مجلس الوزراء يُلغي المادة ١٠٩... وزير المال: الأفضل أن تكون صلاحية التشريع لمجلس الوزراء ميقاتي: اهتمام الحكومة الأول تكريس أسس العدالة الضريبية

https://www.traditionrolex.com/8