تأجيل "توتال" الحفر غير منطقي... فهل على الدولة الضغط عليها للتراجع عن قرارها؟


On 24 October, 2021
Published By Tony Ghantous
تأجيل "توتال" الحفر غير منطقي... فهل على الدولة الضغط عليها للتراجع عن قرارها؟

أعلنت الخارجية الأميركية استعدادها لمساعدة لبنان و#إسرائيل على حلّ مقبول بشأن الحدود البحرية.

من الوسيط  الأميركي فريدريك هوف إلى آموس هوكشتاين فإلى مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر وصولاً إلى المبعوث الأميركي الجديد المكلف متابعة الملف هاموس هوكشتاين ماذا حقق لبنان من تقدم؟

الانطلاقة كانت في آذار 2010، بعدما قدّر تقرير صادر عن هيئة المسح الجيولوجيّ الأميركية حول "تقييم موارد النفط والغاز غير المكتشفة في منطقة حوض شرق البحر الأبيض المتوسط"، الاحتياطيات المحتملة غير المكتشفة في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط بحوالَي 1.7 مليار برميل من النفط القابل للاسترداد، و122 تريليون قدم مكعّب من الغاز القابل للاسترداد. ومع قيام كلّ من إسرائيل وقبرص بتخصيص منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين، دفعت هذه الكمية الكبيرة من الاحتياطيات بالحكومة اللبنانية إلى تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة الخاصة بها، وذلك في محاولة للمحافظة على مواردها الطبيعية البحرية.

 

وفي14 تشرين الأول 2020، بدأت الجولة الأولى من المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول الحدود البرية والبحرية المتنازع عليها. ودارت هذه المحادثات في مقرّ قوة الأمم المتحدة في جنوب لبنان برعاية واشنطن. ولم تكن هذه الجولة يتيمة بل تبعتها أربع لم يتم فيها التوّصل إلى اتفاق.

 

وفي الأسبوع الماضي، بتت "محكمة العدل الدولية بموضوع #ترسيم الحدود البحرية بين الصومال وكينيا، وجاء في قرارها تجاهل الصخور الصومالية المتاخمة والقريبة من الساحل ومن نقطة الانطلاق في المياه الإقليمية للصومال، ولم تعطِها أي تأثير في رسم الحدود، وذلك بسبب موقعها غير التناسبي على خط الترسيم".

 

هذا القرار الجديد أعطى لبنان حجة قانونية إضافية للمطالبة بتجاهل صخرة "تخيليت" الإسرائيلية، وبالتالي تصبح المرافعة القانونية والدراسة التقنية اللبنانية صحيحة، ويصبح المطلب اللبناني بالخط ٢٩ صائباً.

 

ولكن في المقابل، موقف آخر من شركة #توتال الفرنسية يدخل عنصراً جديداً غير مشجّع ويقضي بتأجيل الحفر.

عبود زهر

يقول الخبير في شؤون النفط المهندس عبود زهر ل"النهار" إن قرار محكمة العدل الدولية... يؤكد مرة جديدة صوابية حق لبنان بالخط 29 حيث الواقع مشابه في ما خصّ الجزر الصغيرة القريبة من الشاطئ"، ويضيف أن "المحكمة لم تأخذ بعين الاعتبار هذا النوع من الجزر، ما يعني أن جزيرة "تخيليت، التي تتحجّج بها إسرائيل في مسألة رسم الخط لا تؤثر أبداً في عملية الترسيم. وبالتالي، فإن  الخط 29 يُعتبر قانونياً، وقرار محكمة العدل يدعم المفاوض اللبناني في المحادثات.

وإذا أخذنا خط الـ 29 كحدود لبنانية يُصبح حقل كاريش الشماليّ بالكامل للبنان إلى جانب جزء بنسبة 5% من الحقل الجنوبيّ منه".

 

ويعتبر زهر أن العراقيل الموجودة في ملف الترسيم اليوم هي سياسية بامتياز، ومرتبطة بالسياسة الداخلية في لبنان، بعدما أخلّ بواجباته، لاسيما لناحية المرسوم ٦٤٣٣ الذي يجب إقراره بسرعة.

 

مع تعديل المرسوم رقم 6433 وتسجيل إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة الجديدة لدى الأمم المتحدة، تتحوّل المنطقة التي يقع فيها جزء من حقل كاريش إلى منطقة متنازع عليها بموجب القانون الدولي. ويمكن أن يعرّض ذلك الاستثمارات التي تقوم بها شركة "إنرجيان" في كاريش للخطر لأنه يمكّن لبنان في أيّ مسار قانونيّ محتمل قد يتّخذه لحماية موارده.

 

وعن سلامة الحدود البحرية مع قبرص يطمئن زهر إلى أنه لا توجد أيّ مشكلة، فالحدود مرسّمة وواضحة، والتعاون موجود إلى أقصى الحدود. ولكن المشكلة هي مع سوريا وإسرائيل.

 

ويلفت زهر إلى أنّه لا يُمكن التحدّث عن أيّ تقدّم في المفاوضات مع إسرائيل. فالوسيط الأميركي لم يقدّم لغاية اليوم أيّ طرح أو حلّ عادل يقبل به الفريقان. في الوقت الراهن، المفاوضات مجمّدة.

 

بالتأكيد، فإن تضييع الوقت ليس لمصلحة لبنان. فإسرائيل ستبدأ الضخّ قريباً، والمفاوضات إن حصلت أو عُلّقت فهي لن تؤثر في أعمالها.

عذر شركة توتال!

وشدّد على أنه لا يجب ربط موضوع المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بمسألة الحفر في البلوك رقم 9، حيث سيكون على بعد 25 كلم من المنطقة المتنازع عليها.

 

إذاً، ليس هناك أيّ حجّة تتذرّع بها شركة توتال لتأجيل التنقيب. من هنا، من المفترض أن يتمّ الضغط عليها من قبل الدولة اللبنانية. صحيح أنّ الدولة اللبنانية تملك كفالة مصرفيّة يحق لها تسييلها والبدء بالحفر في البئر إلا أن هذا لا يفيد؛ فقيمة الكفالة غير كافية. لذا، عليها التوّصل إلى حل قريب مع توتال التي ليس من مصلحتها الدخول في نزاع مع أيّ دولة.

حقل كاريش

ولكن إذا كانت إسرائيل ماضية في أعمال التنقيب عن النفط، غير مبالية بأي اتفاق أو خلاف، فماذا يعني لها حقل كاريش الذي هو قريب بجزء منه من نقطة النزاع؟

 

وفق المعلومات،  يحتوي حقل كاريش على ما يقارب 267 مليون برميل من المكافئ النفطي (Mboe) من احتياطيات الهيدروكربون القابلة للاسترداد. وقد رخّصت إسرائيل لشركة إنرجيان Energean لاستكشاف الحقل، ومن المرتقب أن تبدأ الإنتاج في الربع الأول من العام 2022، باستخدام سفينة تخزين وتفريغ إنتاج عائمة (FPSO). هذه السفن فعّالة من حيث التكلفة، ولا تتطلّب خط أنابيب في قاع البحر، لكن لا يمكنها العمل في المياه المتنازع عليها.

 

ومجرّد الحفر عمودياً من شأنه التأثير على ثروة لبنان من الغاز في البلوك اللبناني رقم 9، وتحديداً في أحد مكامنه الممسوحة. ذلك أن التكوينات الجيولوجيّة الحاوية للغاز الطبيعي تحت سطح البحر، متواصلة في هذه المنطقة. وبالتالي، يكفي حفر أيّ بئر بشكل عمودي للتأثير على المنطقة المحاذية. لكن الخطورة تكمن في أن تقنيات الحفر الحديثة للآبار تسمح بحفر منحرف أو أفقيّ أيضاً. وقد تصل مسافة هذا النوع من الحفر إلى نحو عشرة كيلومترات أو أكثر. وبالتالي، فإنّ أي حفر منحرف أو أفقي في حقل "كاريش 1" بمسافة تتراوح ما بين 4 و7 كيلومترات يكفي للوصول إلى أي من البلوكَين اللبنانيَّين 8 و9، وبالتالي التعدّي على ثروة لبنان من الغاز في المتوسّط.

 

إذاً، من شأن تعديل المرسوم رقم 6433، وتسجيل إحداثيات المنطقة الاقتصادية الخالصة الجديدة لدى الأمم المتحدة، أن يحوّل المنطقة التي يقع فيها جزء من حقل كاريش إلى منطقة متنازع عليها بموجب القانون الدولي، ويُمكن أن يعرّض ذلك الاستثمارات التي تقوم بها شركة إنرجيان في كاريش للخطر لأنه يمكّن لبنان في أيّ مسار قانوني محتمل قد يتخذه لحماية موارده.

 

إن تلزيم شركة هاليبرتون بعقد للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل يفرض مسارعة الدولة اللبنانية إلى الطلب من شركة توتال العودة عن قرار التأجيل، فلا يبقى النزاع السياسي الداخلي السبب لقضم المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل!

المصدر: "النهار"رولى راشد

المصدر: "النهار"


إقرأ أيضاً

سد النهضة والفقر المائي. أبرز محاور أسبوع القاهرة للمياه
قفزة جديدة في البورصة لسهم شركة مرتبطة بمشروع ترامب الإعلامي