https://www.traditionrolex.com/8


الشق أكبر من رقعة الشكاوى


On 18 September, 2021
Published By Tony Ghantous
الشق أكبر من رقعة الشكاوى

كعادتي، استقبلت بالتجهم والامتعاض الفتوى المثيرة للجدل لأحمد ممدوح، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، بإباحة "ترقيع" ما يُسمى بغشاء البكارة، إذ يرى ممدوح  أن الترقيع "ستر لضحايا الاغتصاب، أو من تم التغرير بهن" -على حد تعبيره-، ويتمنين فتح صفحة جديدة.

إن الفتوى -والتي بدت تقدمية وشديدة التفهّم للأغلبية- لا "ترقّع" أبداً الجرح الغائر لتسليعنا للمرأة، بل تعزز الاعتقاد بأن سعرها يهوي بعد "فقدانها" عذريتها. كما أنها لا تستنكر في ظاهرها العنف والإقصاء الذي تتكبده النساء عند اكتشاف تهتك إكليل المهبل لديهن -والذي لا يعني بالضرورة ممارستهن الجنس من عدمها أساساً-. تتوقع الفتوى من النساء التصرف لـ"استعادة" قيمتهن السوقية السابقة.

وقبل أن تلوموا فشلي المزمن في رؤية الجانب الممتلئ من الكوب، أو حتى "نسويتي المتطرفة"، ورغبتي غير المعقولة في أن تقطع مجتمعاتنا العربية السنوات الضوئية في أيام، دعوني أشرح.

إن بعبع الشرف مخيف وضخم، متشابك الأطراف، وحاد الأسنان. وحين نتقاعس عن توجيه الضربات القاتلة إليه، والرافضة لبقائه، فإن توجيه مثل هذه الضربات الواهنة -كما فعلت الفتوى سالفة الذكر-، من شأنه فقط أن يستفزه ويهيجه ضدنا. 

فكان من الطبيعي إذاً أن تنهال تفسيرات أقل ما يقال عنها إنها مأسوية على فتوى ممدوح، ومرعبة في كراهيتها وتوجسها من المرأة، طالما أن فتواه لم توصد الباب من دون اختزال النساء في نشاطهن الجنسي، وسلامة إكليل مهبلهن. 

لقد أيقظ ممدوح الوحش، ولم يقضِ عليه.

اعتبر العديدون أن منح النساء الضوء الأخضر لترقيع غشاء البكارة يعني تشجيعهن على ممارسة الجنس قبل الزواج، أي التفريط في الشيء الوحيد الذي يتمحور وجودهن حوله، وقد انعتقن من القيد الأزلي لـ"الفضيحة". ثم بإمكانهن "التوبة عن خطيئتهن" متى ما قررن الاستقرار، تماماً كما يفعل الرجال غير القلقين من حمل تبعات تجاربهم الحياتية.

ولم تغفل الأكثرية عن الإشارة إلى أن تشريع ترقيع إكليل المهبل سيمهدّ لغش وخداع المشتري، أي الزوج المستقبلي، والذي من الممكن إيهامه بأن عروسه كانت ضحية للاغتصاب -مثلاً-، فيظل متصوراً بأنه فعلياً "ما باس تمها غير أمها". 

وانقلب السحر كلياً على الساحر حينما لم يتعاطف البعض أصلاً مع ضحية الاغتصاب التي كان قد أدرجها ممدوح في فتواه بغرض استمالتهم، فظل همهم الوحيد مشاعر الخاطب. 

وعلى الرغم من الغثيان الذي انتابني من متابعة ردود الأفعال، فلا تثريب على المتلقين في الشارع العربي إذ أساءوا فهم فتوى ممدوح، وأسقطوا عليها تحيزاتهم المسيوجينية، وميلهم غير الواعي لافتراض "العهر والانحلال" من المرأة. 

فالفتوى -على الرغم من وقعها اللطيف والمتسامح- لم تمس أبداً الجذور السامة لثقافة الشرف. لم تقتلعها، أو تدمرها، بل تركتها، واكتفت بتقليمها على استحياء. 

فأنىّ لنا بعد ذلك ألا نتوقع من هذه الثقافة أن تعاود النمو أقوى وأصلب من ذي قبل؟العنود المهيري

المصدر: "النهار"






إقرأ أيضاً

خطة "جهنمية"..استأجر قاتلا محترفا لاغتياله في سبيل ثراء ابنه
أنجلينا جولي تلتقي بلاعبات الجمباز المتعرضات للاعتداء الجنسي

https://www.traditionrolex.com/8