https://www.traditionrolex.com/8


في عيد مار شربل.. الراعي من بقاعكفرا الى الديمان: لبنان يواجه انقلاباً جارفاً


On 18 July, 2021
Published By Karim Haddad
في عيد مار شربل.. الراعي من بقاعكفرا الى الديمان: لبنان يواجه انقلاباً جارفاً

 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس الأحد في الصرح البطريركي الصيفي في الديمان، عاونه فيه القيم البطريركي في الديمان الأب طوني الآغا وأمين سر البطريرك الأب هادي ضو. وحضر القداس النائب جورج عطاالله ورئيس مستوصف دير مار شربل الجديدة ايلي تنوري وعدد كبير من المؤمنين.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "روح الرب علي: مسحني وأرسلني" (لوقا 4: 18). وقال فيها: "دخل يسوع كعادته يوم السبت إلى مجمع الناصرة، وقام ليقرأ من نبوءة أشعيا كلاما قيل فيه قبل خمسماية سنة وهو: روح الرب علي: مسحني وأرسلني (لوقا 4: 18). بهذه النبوءة انجلت هويته ورسالته التي أشرك فيها الكنيسة، جسده السري وهو رأسها. فأصبحت بالتالي هوية المسيحيين ورسالتهم يقبلونها بمسحة الروح القدس في المعمودية والميرون. وفي النبوءة أيضا اعتلن الزمن المسيحاني الجديد".

أضاف: "يسعدنا أن نحتفل بهذه الليتورجيا معكم ومع رعية الديمان العزيزة فنحيي كاهنها الخوري حبيب صعب، ولجنة الوقف ورئيسها الخوري خليل عرب وكل ابناء وبنات الديمان الاحباء. فنهنئكم على ما أنجزتم في الكنيسة الجديدة بسخائكم وسخاء أبناء الديمان المنتشرين والمحسنين. نذكرهم ونذكركم جميعا في هذه الذبيحة المقدسة، أحياء وأمواتا، أصحاء ومرضى. ونلتمس من الله، بشفاعة القديس شربل في يوم عيده، أن نلتزم بحفظ هويتنا المسيحية والقيام برسالتنا. روح الرب علي: مسحني وأرسلني. هذه هي هويتنا المسيحانية،
الروح يملأ بشرية يسوع ويكرسه لرسالة الفداء والخلاص. فظهر إنسانا مثلنا بملء إنسانيته، وكشف الإنسان للإنسان، ودعوته السامية. اشتغل بيدي إنسان، وعمل بإرادة إنسان، وأحب بقلب إنسان. وشابهنا في كل شيء، ما عدا الخطيئة (عب 4: 15). لكون المسيح رأس جسده الذي هو الكنيسة، فقد أشرك كل أعضاء الجسد بمسحة الروح بواسطة سري المعمودية والميرون. هذا الروح جعلنا كمسيحيين على شبه صورة المسيح في إنسانيته، الذي هو على ما قال بولس الرسول: البكر بين أخوة كثيرين (روم 8: 29؛ كول 1: 18)".

وتابع: "وأرسلني: هذه رسالتنا المسيحانية، رسالة المسيح الخلاصية بحسب نبوءة أشعيا تشمل ستة أبعاد، وسلمها للكنيسة ليقوم بها رعاتها وأبناؤها وبناتها، بالوسائل الروحية والأسرارية، وبواسطة مؤسساتها على اختلاف أنواعها. هذه الأبعاد هي: أولا تبشير المساكين أي حمل البشرى الإلهية لكل إنسان منفتح العقل والقلب على الله، بوداعة وتواضع، للاستنارة بنوره، والامتلاء من عزائه ومحبته، من دونهما فراغ في حياة الانسان عبر عنه القديس أغسطينوس بقوله: لقد خلقتنا لك يا رب، ويظل قلبنا مضطربا فينا إلى أن يستقر فيك. ثانيا، شفاء منكسري القلوب يعني الغفران للتائبين، والتعزية للحزانى، والتشجيع للذين يعيشون ألم التهميش أو عدم فهمهم أو العزلة. ثالثا تحرير الأسرى بممارسة العدالة الملطفة بالانصاف والرحمة؛ عدالة مرتكزة على الحقيقة الموضوعية، ومنزهة من كل كذب وتضليل وافتراء، ومحررة من كل تدخل سياسي أو تسييس. وتحرير من هم أسرى مواقفهم وآرائهم المتصلبة، وأسرى الإدمان على المخدرات أو المسكرات. رابعا، إعادة البصر للعميان يعني بصر العقل المنحرف عن نور الحقيقة، وبصر الضمير الذي يخنق صوت الله، وبصر القلب المتحجر ورافض الحب والمشاعر الإنسانية. خامسا، الإفراج عن المظلومين من كل أنواع الظلم والعبوديات، ومن الاستغلال الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وانتشالهم من حالة الخطيئة والعادات السيئة. سادسا، إعلان سنة مرضية عند الرب: هذا هو الزمن المسيحاني الجديد. إنه زمن ملكوت الله: ملكوت الحقيقة المحبة والحرية والعدالة والأخوة والسلام. هذا الزمن يشكل التزام الكنيسة بنشر هذه الثقافة المسيحية".

وقال: "إننا باسم الشعب الفقير والمقهور والجائع والمشتت كخراف لا راعي لها، وباسم وطننا لبنان الواقع في حال الانهيار، نطالب القوى السياسية كافة بأن تتكاتف بحكم المسؤولية الوطنية، وتتشاور في ما بينها، وتسمي في الاستشارات النيابية المقبلة شخصية سنية لرئاسة مجلس الوزراء الجديد، تكون على مستوى التحديات الراهنة، وتتعاون للاسراع في التأليف. إنه وقت تحمل المسؤوليات لا وقت الانكفاء. فالبلاد لا تواجه أزمة حكومية عادية، بل أزمة وطنية شاملة تستدعي تضافر الجهود من الجميع، وتواجه انقلابا جارفا على النظام والدستور والمؤسسات الشرعية، وتفككا للقوى الوطنية التي من شأنها خلق واقع سياسي جديد يعيد التوازن ويلتقي مع مساعي الدول الصديقة. ينبغي بحكم المسؤولية الوطنية تجاوز الأنانيات والمصالح والحسابات الانتخابية الضيقة التي تسيطر بكل أسف على عقول غالبية القوى السياسية، على حساب المصلحة الوطنية العليا".

وسأل: "كيف تسير الدولة من دون السلطة الإجرائية؟ فبها منوط إجراء الإصلاحات في البنى والقطاعات التي هي شرط للدعم الدولي المالي من أجل قيام الدولة وإنقاذها من حال الانهيار، وبها منوط ضبط الوزارات والإدارات ووضع حد للفساد المالي فيها والإفراط في ممارسة سلطة هذا أو ذاك من الوزراء أو المدراء العامين كأنه سيد مطلق، في وزارته، ولإيقاف التعدي على العاملين بإخلاص وفبركة ملفات كاذبة بحقهم لأغراض سياسية أو طائفية أو مذهبية، ومنوط بها دعم المحقق العدلي بشأن انفجار مرفأ بيروت، وحل إشكالية رفع الحصانة عن الوزراء والنواب والعسكريين المعنيين، فالحصانة تتبخر أمام ثمن الضحايا والأحزان والجرحى والدمار. كيف يعاد بناء المرفأ والمنطقة المهدمة من بيروت، وكيف يعوض على الأهالي من دون وجود سلطة إجرائية؟ من غير الحكومة يأمر وينفذ التدقيق الجنائي الشامل في مصرف لبنان وكل وزارة من الوزارات وكل صناديق المجالس وأجهزة الرقابة؟ ومن غير الحكومة يضبط ويضع حد للتهريب والهدر وسرقات المال العام؟ ومن غير الحكومة ينهض بالإقتصاد في كل قطاعاته، ويعيد الحركة المالية، يؤمن فرص العمل، ويعيد لليرة اللبنانية قيمتها، ويحافظ على شبيبتنا وقوانا الحية والخلاقة ويجنبهم هجرة الوطن؟

أضاف: "إن ما جرى ويجري من إهمال وانتفاء للحوار والتعاون، يعزز فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان لإخراج لبنان واللبنانيين من ضيقتهم المتعددة الأوجه. فالجماعة السياسية تعطي كل يوم الدليل بعد الدليل على عجزها عن القيام بأبسط واجباتها تجاه الشعب والوطن، وعلى فشلها في الحفاظ على مؤسسات الدولة واستقلالية الشرعية الوطنية. هذه الجماعة عاجزة عن حل للمسائل اليومية البسيطة كالنفايات والكهرباء والغذاء والدواء والمحروقات، وعاجزة عن مكافحة الفساد، وتسهيل عمل القضاء، وضبط ممارسة الوزارات والإدارات، وإغلاق معابر التهريب والهدر، وعاجزة عن تحصين نفسها بتأليف حكومة، وعاجزة عن معالجة القضايا المصيرية كإجراء إصلاحات وترسيم حدود وحسم خيارات الدولة، واعتماد الحياد".

وختم الراعي: "اليوم في عيد القديس شربل، قديس لبنان، نحن نؤمن انه لن يدع لبنان ينهار. اليه نكل وطننا وشعبنا ملتمسين منه كعجائبي مرضي عند الله، أعجوبة خلاصنا من هذا الإنهيار الشامل".

في قداس بقاعكفرا: 

وكان  البطريرك الراعي قد ترأس مساء امس القداس الاحتفالي لمناسبة عيد القديس شربل مخلوف في بقاعكفرا، عاونه فيه النائب البطريركي على الجبة المطران جوزيف نفاع وكهنة رعية بقاعكفرا الخوري ميلاد مخلوف والخوري خليل البطي وعدد من الآباء والكهنة. وحضر القداس النائبان ستريدا جعجع وجوزيف اسحق، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا والقائمقام ربي الشفشق ورؤساء بلديات المنطقة ومختاروها ورؤساء مراكز "القوات اللبنانية" والجمعيات الرسولية وعدد من المؤمنين.



بعد الإنجيل المقدس، ألقى الراعي عظة بعنوان "الزرع الجيد هم ابناء الملكوت". وقال فيها: "ربنا يسوع المسيح بكلامه وموته وقيامته زرع المؤمنين والمؤمنات به كحبات القمح في الكنيسة والمجتمعات وسهول هذا العالم، لكي يعطوا ثمار خبز لحياة البشر، لكن عدوه الشيطان وأركانه يزرعون بين المؤمنين الشر والتفرقة والنزاعات. أما الرب فيدعونا الى الصبر والصمود والثبات، لأن الكلمة الأخيرة هي للخير لا للشر، للحقيقة لا للكذب، متجردة لا للمصلحة الأنانية الرخيصة، للعدالة لا للظلم، للنقاوة لا للفساد".

أضاف: "يسعدنا أن نحتفل معكم بعيد القديس شربل ابن بقاعكفرا العزيزة وعلى أرضها التي قدسها بأريج قداسته والمقدسة بشفعائها السيدة العذراء، مار حوشب، مار سابا والغنية بإرثها الروحي الذي يحافظ عليه أهلها ويتناقلونه من جيل الى جيل بفضل التربية العائلية وخدمة كهنتها الرعوية بتوجيهات أسقفها وسهر الرهبانية المارونية الجميلة على بيت القديس وتأسيسها الدير على اسمه ينعش الحياة الروحية لدى الزوار وخدمة الراهبات اللبنانيات المارونيات الساهرات على مغارة القديس والمنعشات للحياة الروحية في ديرهن. وعلى المستوى المدني أود الاعراب عن تقديري وشكري لما أنجزه رئيس المجلس البلدي والأعضاء من مشاريع إنمائية أهلت البلدة لاستقبال الحجاج من لبنان والعالم ونأمل ان تستقيم الأحوال السياسية والاقتصادية والمالية لكي تتمكن البلديات من القيام بالمشاريع الإنمائية والاجتماعية المنتظرة منها وتلك التي تخطط لها".

وتابع: "القديس شربل حبة قمح زرعها المسيح الإله ابن الإنسان في حقل بقاعكفرا والكنيسة المارونية والرهبانية اللبنانية المارونية فأعطى مآت النساك والرهبان والكهنوت وكان شربل في كل حال رجل الصلاة والقربان، في قلبه حب مطلق لله دون سواه، مر بصعوبات ومحن وتجارب فصمد وثبت حتى النصر وهذا ما عاناه الرب يسوع في المثل الانجيلي عندما أمر بعدم اقتلاع الزؤان بألا يقلع القمح معه بل بتركهما ينميان معا حتى يوم الحصاد عندئذ يجمع الزؤان ويحرق فيما القمح يحفظ في الأهراء. ويعلمنا ربنا يسوع في هذا المثل بأن الله معنا وليس بغائب بل هو سيد تاريخ البشر ولا احد سواه والكلمة الأخيرة له، لصوت الضمير لا للافراط في السلطة، للشفافية في الادارة والقضاء لا لفبركة الملفات الكاذبة، فكم من ضحايا ظلم واستبداد يتألم معها على صعيد الادارات والسلك الديبلوماسي والقضاء وممارسة الوزارات؟ كم يؤلمنا ان نشاهد ذلك كل يوم وفي كل قطاع والأكثر إيلاما تسييس الطائفة والمذهب في القضاء والادارة والسلك الديبلوماسي، تسييس كل شيء بالظلم وبشريعة القوي الذي يحكم الضعيف وقاعدة الاقوى هو دائما على حق. وأنا أقول لكل ضحايا هذه المظالم تقووا لا تخافوا فهذه المحن هي مدرسة للمعرفة والخبرة والنضج وأنسنة القلب، فالقديس شربل ارتفع عاليا بقداسته وإنسانيته بفضل ما تحمل من إماتات وجهاد وتضحيات حتى اصبح من سمائه رفيق كل انسان متألم وفي المجد السماوي يتلألأ كالشمس في ملكوت الآب (متى 13:43). فهو ابن هذه البيئة التي نضجت على الحياة الصعبة وقاومت الحياة الصعبة مثل الارز العواصف والرياح والصواعق وصمدت مثل الاجداد في وادي القديسين بقوة التجذر في الارض وحرارة الصلاة واستلهام انوار السماء حتى بلغوا بلبنان سنة 1920 الى دولة مميزة عن كل بلدان المنطقة بدستورها وميثاقها الوطني وخبرة العيش معا بالوحدة في التعددية الثقافقة والدينية".

وقال: "من اجل استعادة هوية لبنان نناضل مع ذوي الولاء المخلص لهذا الوطن ومن اجل حماية رسالته الخاصة في هذا المشرق وفي العالم، نناضل من اجل حياده، فرسالتنا ان نجمع لا ان نفرق، ان نعدل لا ان نغبن، ان نحاور لا ان نقهر، ان نعتدل لا ان نتطرف. رسالتنا ان نرسي قواعد الوحدة الوطنية على اسس التعددية ودون انحياز الى مكون لبناني ضد مكون لبناني آخر الا من اجل الصلح والوئام. رسالتنا ان نكون القدوة في احترام الدستور والاستحقاقات الدستورية ومؤسسات الدولة. رسالتنا ان نتفاهم مع شركائنا في الوطن ونصمد تجاه الغريب، وندافع عن الحرية والكرامة، ونبقى ثابتين من دون عناد، واقوياء دون استقواء. رسالتنا ان نكون دائما جبهة السيادة والاستقلال والعزة الوطنية التي انتهجها او يجب ان ينتهجها من اراد حمل لواء هذا الشعب المناضل والمتجذر في الارض والتاريخ والايمان. يجب أن نبقى شعب الصلاة والتواضع والخير والتضامن. في نفس كل واحد منا شيء من تقشف القديس شربل والاجداد وشيء من تضامن ذوي القضية الوطنية الواحدة وشيء من خير الطبيعة، وشيء من خشوع هذا الوادي المقدس، وشيء من صلابة الارز والقديس شربل. من يتابع تاريخ شعبنا يجد ان قوتنا كانت في التزام هذه القيم لا في أي شيء آخر. قيمنا هي حقوقنا وصلاحياتنا ودورنا".

وختم الراعي: "اليك يا قديس لبنان نكل وطنك ووطننا لبنان الذي يحتاج الى اعجوبة منك انت قادر عليها".

الأب مخلوف
وكان القداس استهل بكلمة للاب ايلي مخلوف رحب فيها بالراعي وجعجع واسحق والمشاركين، مشددا على أن "بقاعكفرا امينة دائما للكنيسة ولتاريخها وتسير دائما وراءكم لأنكم الراعي الصالح".

إيلي مخلوف
بعد القداس، ألقى رئيس اتحاد بلديات قضاء بشري رئيس بلدية بقاعكفرا ايلي مخلوف كلمة رحب فيها بالحضور. وقال: "تبتهج بقاعكفرا وتكتمل فرحتها في عيد القديس شربل بمباركتكم يا صاحب الغبطة للعيد، وقد باتت هذه المباركة تقليدا سنويا، مجددا في قلوب المؤمنين شعلة الرجاء والثقة بأن الراعي الصالح يعرف خرافه معرفة جيدة، ويسهر عليها بالعناية والمحبة والرعاية. وليس وجودكم يا صاحب الغبطة لمباركتنا في هذه المناسبة الغالية سوى ترجمة لمحبتكم الابوية ولسهركم وعنايتكم بهذا الجزء من قطيعكم الصغير. واننا فيما نؤكد ولاءنا لموقعكم الروحي والوطني ومحبتنا لشخصكم الكلي الطوبى، نرحب بأحبائنا المشاركين في هذا الاحتفال. ونحيي حضور سعادة النائبة ستريدا جعجع، حضورا يعكس إيمانها وتعلقها بمار شربل، ويعكس محبتها لبقاعكفرا بشرا وحجرا، تترجمها من خلال دعمها الدائم وسعيها الى تحقيق مبادرات التنمية لهذه البلدة النموذجية، كما لسائر قرى وبلدات منطقة بشري، بروح الخدمة المسؤولة. ونرحب بسائر المسؤولين الروحيين والزمنيين، الذين يشاركوننا، بمحبة أخوية، مناسبة عيد مار شربل، سائلين الله، بشفاعة صاحب العيد، أن يوفقهم الى مزيد من الخدمة الهادفة الى الخير العام".

أضاف: "صاحب الغبطة والنيافة، يحل عيد مار شربل هذا العام وسط القلق المتزايد لدى غالبية اللبنانيين. ومصدر القلق هو ألازمة السياسية الوطنية، والتدهور الاقتصادي، والضائقة المعيشية، والاهتزاز الاجتماعي، والتفلت االاعلامي، وشلل المؤسسات الرسمية الناظمة لحياتنا اليومية والوطنية، كل هذا يتزامن مع المئوية الاولى للبنان الكبير، وعلى عتبة المئوية الثانية فيما القوى الدولية تعيد رسم خريطة المنطقة. ولكم كان معبرا وصفكم واقعنا اللبناني المأزوم في عظة قداسكم الاحد الفائت في الديمان حين قلتم أن على الاطراف اللبنانيين ان يلبننوا الحل الدولي بتقديم مشاريع حلول بناءة ... تنسجم مع الشراكة المسيحية ـ الاسلامية، وجوهر وجود لبنان الكبير ... إلا أننا، مع الأسف، لم نلمس أي جهد جدي من المعنيين لتقديم مشاريع الحلول هذه، لا بل نستشعر وجود ارادة داخلية خفية مصممة على ملاقاة المخططات الخارجية التي تستهدف لبنان".

وتابع: "هذه الحقائق هي موضوع خطابكم الراعوي الوطني المتوالي، الذي تتوجهون به الى كل اللبنانيين، والى المحافل العربية والدولية، متسلحين بايمانكم بالله وبقديسيه، وبتاريخ لبنان المجيد بالبذل والتضحيات، وبشعبكم المؤمن الواقف وراءكم تحقيقا لخلاص لبنان بحياده وضمان استقلاله ووحدة أراضيه. ولا يسعنا، ونحن نتحدث عن خطابكم الجامع، الا ان نتوقف عند حدث يوم التفكير والصلاة من أجل لبنان، الذي دعا اليه قداسة البابا فرنسيس في الاول من تموز في حاضرة الفاتيكان. ولقد توج البابا فرنسيس ذلك النهار المشرق وسط ظلماتنا القائمة بخطابه الذي ختصر مداخلات النهار ومناقشاته، راسما، كما قلتم يا صاحب الغبطة والنيافة، خريطة طريق لخلاص لبنان. ووزع قداسته هذه الخريطة على مختلف محاور وأوجه الوضع اللبناني القائم. فتناول الخدمة الاجتماعية وتعزيز سبل دعم المحتاجين والمعوزين، ودور اللبنانيين القادرين داخل لبنان، وفي بلدان الانتشار في هذا المجال، وتناول الشأن الوطني من خلال اللقاء المتجرد عن المصالح الشخصية والفئوية بين الاطراف اللبنانيين، واستنهض قوى التغيير والتجديد من شرائح الشباب والمرأة، وضرورة تعزيز انخراطهم في الشأن العام، كما حث المجتمع الدولي على الاضطالع بمسؤولياته تجاه لبنان، والحؤول دون انهياره وسقوط تجربته الحضارية ورسالته الانسانية".

وقال: "مذ بادرتم يا صاحب الغبطة الى ترجمة مضامين كلمة قداسة البابا وضعتم خطا فاصلا بين منعطفين، منعطف خلاص لبنان بتطبيق الخارطة المذكورة، ومنعطف انهياره لا سمح الله. وها هي القوى اللبنانية الحية تجتمع وراءكم على هذه الخريطة، وفي طليعة هذه القوى المخلصة، رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، الذي يؤكد بموقفه هذا التزامه الشخصي والتزام حزبه ثوابت الكنيسة المارونية، التي كانت ولا تزال الخريطة الدائمة لخلاص لبنان، ولضمان مستقبله. فللدكتور جعجع تحية المحبة والتقدير والدعم لموقفه".

وختم: "في الختام، لا بد من تجديد الترحيب بصاحب الغبطة والنيافة وبسائر ضيوفنا الكرام، مؤكدين محبتنا وولاءنا، ومجددين ثقتنا بتاريخنا العظيم وبقدرتنا على تخطي الصعاب والتحديات بروح الايمان والرجاء، وبشفاعة القديس شربل . وكل عيد وانتم بخير".

بعد القداس أولم الرئيس مخلوف للراعي والمشاركين، وشددد خلال العشاء على أن "لا خلاص للبنان الا من خلال البطريرك الراعي والدكتور جعجع".

المصدر: "وكالة الأنباء المركزية"






إقرأ أيضاً

المطران عبد الساتر: نريد وطناً جديداً... وننتظر الأعجوبة
إزاحة الستارة عن مزار مار شربل في الكفور الجنوبية

https://www.traditionrolex.com/8