وعِدوا بحليب الأطفال فتسابقوا إلى طابور الذلّ... كرامة المواطن تهان مرتين


On 23 June, 2021
Published By Karim Haddad
وعِدوا بحليب الأطفال فتسابقوا إلى طابور الذلّ... كرامة المواطن تهان مرتين

يُحكم الذل وطوابيره قبضته على يوميات اللبنانيين، في حلقة مفرغة تلازم أزمات فقدان الوقود والدواء والحليب.
وفي مشهد يعكس هذه اليوميات المهينة، تهافت المئات اليوم إلى نقطة توزيع حليب بالمجان في #طرابلس في شارع رياض الصلح، ما تسبّب بزحمة خانقة عند هذه النقطة بسبب تزاحم المواطنين الذين ينتظرون تحت شمس الظهيرة الحارقة إسعافهم بكيس حليب لأطفالهم، والبعض افترش مساحة العشب الفاصلة على طول البوليفار طلباً للراحة بعدما فهم أنّ انتظاره سيدوم ساعات طويلة.

واللافت أنّ المتسابقين إلى طوابير الحليب ليسوا من طرابلس فقط، إذ تبيّن لنا أنّ عددًا كبيرًا توافد من قرى عكار والضنية، فتكبدوا مشقّة المسافات الطويلة وكلفة النقل على الطريق ليظفروا بعلبة حليب لأطفالهم، والبعض استدان أجرة المواصلات.
من هؤلاء المواطنين، أم لثلاثة أطفال من عكار، تروي أنها استدانت كلفة النقل من جارتها، "أطفالي الثلاثة بحاجة إلى الحليب، كنّا منذ شهرين لا نجده في كلّ الصيدليات. ولم أكن أدري أنّه يلزمنا تصوير أوراق ثبوتية. الألف ليرة في هذه الأيام يُحسب لها حساب"، وتضيف "كلّفني الأمر 40 ألف ليرة، لكن لا بأس. أولادي جياع ووجدت لهم ما يسكت جوعهم".
وبينما يستمر التدافع بالأيادي من أجل اقتناص علبة قبل نفاد الحليب، تلقت إحدى الأمهات وهي سيدة أربعينية محجبة، شتائم، فخرجت من الحشد دامعة العينين، وتعاطف معها البعض ليعطيها دوره لكنها رفضت البقاء، مردّدة "الله سوف يتكفل بأولادي".
ويذكر أنّ الجمعية حدّدت الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرًا موعدًا لتوزيع الحليب، من خلال فيديو للفنان مهدي كريمة المعروف بـDJ الثورة يعلن عن هذه المبادرة، لكنّ الطوابير بدأت تتجمّع منذ الصباح الباكر قبل ساعات من الموعد المذكور.
ومن يقف أمام هذا المشهد، يتساءل هل نية المساعدة تكفي، بدون جهود تنظيمية والحفاظ على سرية المستفيدين وما تبقى من كرامة اللبنانيّ الذي حرم أبسط مقومات العيش، أم أنّ طوابير الذّل أصبحت هي الحلّ الوحيد، ولا مناص من دفن كرامة المواطن مرتين؟!

المصدر: ""النهار""


إقرأ أيضاً

محتجون قطعوا أوتوستراد الزوق بالاتجاهين بالشاحنات... زحمة سير وانتشار للجيش
ميقاتي: لا جدوى من التحاور قبل تعهد استكمال الطائف