معبد أشمون... تعرّف إلى طقوس الشفاء الخاصة بالفينيقيين


On 17 January, 2021
Published By Kathy Ghantous
معبد أشمون... تعرّف إلى طقوس الشفاء الخاصة بالفينيقيين

عرف الفينيقيون طقوسًا دينية خاصة، فشيّدوا المعابد الضخمة لآلهتهم لطلب الرحمة والمغفرة. وللشفاء من الأمراض، مارس الفينيقيون طقوساً دينية خاصة ترتبط بشكل وثيق بثقافتهم ومعتقداتهم الدينية، وأبرزها تلك التي كانت تقام في معبد الاله أشمون، اله الشفاء عند الصيدونيين.

لاكتشاف هذه الطقوس وما يرتبط بها من اسرار عليك بزيارة معبد اشمون الاثري، الذي سيوفّر لك فرصة اكتشاف أسرار الثقافة الفينيقية والطقوس الدينية المعتمدة آنذاك.

يقع معبد أشمون على بعد كيلومتر واحد شمال شرق مدينة صيدا بالقرب من نهر الأولي، في بقعة تعرف ببستان الشيخ. ولقد كان هذا المعبد مخصصًا لعبادة الإله أشمون ، إله الشفاء عند الفينيقيين.

 

 

 

يتميز هذا الموقع بأنه ما زال يحافظ حتى اليوم على حجارة أساساته، وهو من المواقع الفريدة في لبنان التي تشهد على الحقبة الفارسية.

 فلقد استمر استخدام المعبد في حقبات عدة، حيث تم ترميمه وإضافة العديد من الأجزاء والمباني عليه. لذلك، فإن الأقسام التي ترجع إلى الفترة الفينيقية ضائعة بين أحجار ومعالم باقي الحقبات.

بنى معبد أشمون ملك صيدا أشمون عزر الثاني وذلك بعدما استعادت صيدا مكانتها السابقة كمدينة فينيقية رئيسية في الفترة الفارسية. فتكشف النقوش التي عُثر عليها على تابوت الملك أنه هو ووالدته "أَمَة عشترت" بنيا معابد لآلهة صيدا ، ومن بينهم معبد أشمون. كما وتظهر الكتابات الفينيقية التي عثر عليها في المعبد أن بناء منصة الحرم وجرّ المياه الى المعبد لم يبدأا إلا في عهد الملك بودعشترت.

 

 

من هو أشمون؟

بحسب الأسطورة الفينيقية، أشمون هو شاب من أصول بيروتية كان يهوى الصيد. وفي أحد الايام وقعت الالهة عشتروت في حبه، فلاحقته وضايقته لاستمالة قلبه، ولكن، وللهرب منها قام الشاب بتشويه جسده فمات. لكن عشتروت لم تستسلم للقدر، فأعادت حبيبها الى الحياة مسبغة عليه خصائص إلهية. ويُقال أيضاً ان بلدة قبرشمون في جبل لبنان لا تزال تحتفظ بأثار مدفن الإله الشاب.

فيعتبر أشمون في الأصل إلهاً للشفاء، غير أن قصة موته وانبعاثه جعلت منه إلهاً للخصوبة الكونية وللخضرة التي تموت كل عام وتعود الى الحياة.

 

 

وبصفته إله الشفاء، اندمجت شخصية أشمون الفينيقي بشخصية إله الطب الاغريقي الروماني اسكليبيوس. فكلاهما على علاقة وثيقة بالثعابين، التي كانت تُربى في المعابد وتلعب دوراً في شفاء بعض الأمراض. فعُثر على مقربة من معبد أشمون على ورقة من الذهب نُقشت عليها صورة أشمون اله الشفاء وهو يمسك بيده عصاً يلتف حولها ثعبان، والى جانبه صورة "إيجيا" إلهة الصحة. لذلك يتم اليوم استعمال صورة الثعبان الملتف حول العصا كرمز للطب تمامًا كالاله أشمون.

 

 

ومن الواضح أيضًا أن أصل كلمة أشمون مستمدة من "الزيت" ، الذي كان له وظائف علاجية وطقوسية في الشرق الأدنى القديم. لذلك فأشمون هو "الشخص الذي يزيت" أي الشخص الذي يشفي.

وكان أشمون يحتل مركز الصدارة بين آلهة صيدا. مما دفعهم لبناء المعبد في هذا الموقع القريب من نبع ماء، لأن الماء كانت تؤدي دوراً رئيسياً في طقوس الغسل المرتبطة بطقوس الشفاء.

تصميم الموقع

الموقع الاثري اليوم عبارة عن مجمّع يضم أطلال أبنية عديدة لكل منها خصائصها وعناصرها البنائية كونها بنيت في فترات زمنية مختلفة.

تدخل الموقع عبر الطريق الرومانية الاحتفالية التي تحيط بها الاعمدة الرخامية. فتظهر امامك أطلال بناء هرمي الشكل، يعود الى القرن السادس قبل الميلاد، أي الى تلك الفترة التي كانت فيها صيدا خاضعة للنفوذ السياسي والثقافي البابلي. ويمكن الصعود عبر الدرج لرؤية مشهد عام للموقع مع كافة تفاصيله.

 

 

وينتشر في الموقع عدد من البرك التي كانت تستخدم لتجميع المياه، بحيث كانت تُجمع في هذه البرك لتُستعمل في طقوس الوضوء أو الغسل أو تغطيس المرضى.

الى جانب المعبد الكبير، يوجد معبد آخر أضيف الى المجمّع في القرن الثالث قبل الميلاد، ولم يبقَ منه إلا إفريز حُفرت عليه مشاهد طقسية ومشاهد صيد وأخرى تمثل أطفالاً يلعبون. وعلى مقربة منه بقايا مقام مكرّس للإلهة عشتروت.

 

 

 

 

فيمكنك أن ترى داخل هذا المبنى، شبه المربع، عرشاً حجرياً يحيط به أسدان مجنّحان يعرف بعرش عشتروت. الى جانبه يوجد إفريز آخر، حُفرت عليه مشاهد تمثّل رجلاً يسعى لالتقاط ديك كبير، علمًا أن التضحية بالديك كانت من طقوس عبادة أشمون.

 

 

 

والى يسار الطريق الاحتفالية الرومانية، يمكنك تأمل الأرضية التي تغطيها الفسيفساء التي تمثل الفصول الأربعة وبقايا الكنيسة البيزنطية التي بنيت في الموقع.

 

 

 

 

 

 ولقد عثر في معبد أشمون على مجموعة من التماثيل معظمها يمثل أطفالاً من المرجح أنها كانت تقدّم كنذر أو كعربون شكر للإله بعد شفاء الطفل المريض. تعرض هذه التماثيل اليوم في المتحف الوطني.

 

 

المصدر: "النهار"


إقرأ أيضاً

نجوى كرم تشعل سماء دبي بحفل غنائي ساهر
دوائر المحاصيل السحرية... اكتشف سرّ تكوينها!