كلودين عون في ندوة عن قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف: الكرامة الإنسانية لا تصان إلا بضمان القانون للحقوق وتأمين توفيرها لأصحابه


On 27 October, 2020
Published By Karim Haddad
كلودين عون في ندوة عن قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف: الكرامة الإنسانية لا تصان إلا بضمان القانون للحقوق وتأمين توفيرها لأصحابه

عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية واللجنة الدولية للحقوقيين، ندوة عن "قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان" عبر تقنية الفيديو، شارك فيها رئيسة الهيئة السيدة كلودين عون ومدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين سعيد بنعربية، الى عدد من القضاة وممثلين عن القوى الأمنية ومحاميات ومحامين وأطباء شرعيين وعدد من أعضاء الهيئة الوطنية، ومستشارات ومستشارين قانونيين دوليين وباحثات وباحثين قانونيين في اللجنة الدولية للحقوقيين من دول مختلفة من العالم.

وتهدف الندوة إلى "تحديد الثغرات وسبل معالجة مواطن القصور الموجودة في الإطار الإجرائي اللبناني، والممارسات المتعلقة بالأدلة في قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي ومناقشتها واستطلاعها".

عون
افتتحت الندوة بكلمة للسيدة كلودين عون، فقالت: "لا شك في أن تغاضي المجتمع ومؤسساته عن ظاهرة العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، هو أخطر شكل يتخذه التمييز ضد المرأة. ولا شك أن هذا التغاضي المجتمعي، يفسر النواقص التي نلحظها في التشريعات وفي الإجراءات المتبعة لتطبيقها. وعدم الاكتراث أو المماطلة في سد هذه النواقص، يعكس بدوره لدى المشرعين كما لدى القيمين على إنفاذ القانون، نظرة دونية إلى المرأة تتعارض تماما مع الخطاب العلني الرسمي الذي يستشهد بالدستور اللبناني للتأكيد على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين".

اضافت: "الواقع أن مفهوم المساواة بين البشر، ومنهم الرجال والنساء، يرتبط مباشرة بمفهوم الكرامة الإنسانية وبضرورة صونها، وهي لا تصان إلا بضمان القانون للحقوق التي تستتبعها وبتأمين توفيرها لأصحابها. والوصول إلى العدالة التي تصورها المخيلة الشعبية حاملة الميزان رمز الإنصاف ومعصومة العينين للدلالة على عدم انحيازها لطرف، هو أحد الحقوق الأساسية وأحد سبل صون الكرامة الإنسانية".

وتابعت: "في لبنان، أدركت الحركة النسائية منذ عقود، الظلم اللاحق بالنساء جراء تعرضهن للعنف وغض الطرف من جانب القانون، حتى عن جرائم قتل النساء لمجرد التحجج بشرف مزعوم. فكانت الحملات التي نجحت في مرحلة أولى، بإقرار القانون لمبدأ تخفيف العقوبة عوضا عن إبطالها، والتي توصلت في مرحلة ثانية، إلى إلغاء العذر المخفف في ما يسمى جذافا "جرائم الشرف".

ولفتت الى أن "المشرع توصل أخيرا في العام 2014 إلى اعتماد قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري. وقد شكل هذا القانون، على الرغم من قصوره، عن توفير الحماية الكافية للضحية، خطوة أساسية إلى الأمام أتاحت ملاحقة مقترف أعمال العنف في نطاق الأسرة. لكن ظاهرة العنف ضد النساء، وهن يشكلن الأكثرية الساحقة من ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، لا تقتصر على العنف داخل الأسرة، فالنساء والفتيات يتعرضن للعنف في كل مراحل الحياة، لمجرد أن القانون لا يمنع صراحة بعض الممارسات المسيئة بحقوقهن، وقل ما يتضمن أحكاما تساعد على التمييز إيجابيا لصالحهن".

وقالت: "تدرك الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومعها منظمات المجتمع المدني والبعض من المؤسسات الرسمية المتعاونة معها، ضرورة إصلاح القوانين النافذة لجعلها أكثر انسجاما، ليس فقط مع حقوق المرأة وضرورات تعزيز موقعها في المجتمع، بل أيضا مع متطلبات الحياة العصرية. وفي المجالات التي تدخل في نطاق مكافحة العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، عملت الهيئة الوطنية على إعداد نصوص قانونية سعت إلى إيصالها إلى البرلمان، وقد وجد البعض من هذه النصوص طريقه إلى المناقشات داخل اللجان البرلمانية. ومن النصوص التي تأمل الهيئة الوطنية أن يجري إقرارها في وقت غير بعيد، التعديلات التي تقترحها على قانون مكافحة العنف داخل الأسرة، والتي من شأنها أن توفر حماية أكثر فاعلية للضحية. كذلك تأمل الهيئة الوطنية في أن يجري إقرار التعديلات القانونية التي من شأنها الحد من ممارسات التحرش الجنسي. ونذكر أيضا من بين النصوص التي تتابع الهيئة الوطنية مناقشتها في اللجان البرلمانية، مشاريع قوانين تحول دون تزويج القاصرات والقاصرين، ولا تسمح بإفلات المغتصب من العقاب في حال قام بالإقتران من قاصرة تبلغ من العمر بين 15 و 18 سنة".

اضافت: "وتعير الهيئة الوطنية اهتماما كبيرا لرفع الغبن اللاحق بالمرأة اللبنانية التي لا تزال محرومة من حق نقل جنسيتها إلى أولادها، إذ أن هذا الحق معطى للوالد وليس للوالدة، وقد سبق للهيئة الوطنية أن قدمت إلى مجلس الوزراء مشروعا لتعديل قانون الجنسية في هذا الموضوع. وفي إطار الاهتمام بمكافحة العنف ضد المرأة، تنكب الهيئة الوطنية اليوم على رصد حالات العنف هذه، عبر متابعة الشكاوى التي تتلاقاها قوى الأمن الداخلي عبر الخط الساخن 1745 وعبر الاستطلاعات التي تجريها مع الضحايا، كما عبر التنسيق مع مختلف الجهات التي تقدم المأوى والخدمات للناجيات".

واعتبرت أنه "بسبب القيود التي فرضها الحجر المنزلي لمكافحة انتشار فيروس كوفيد-19، طلبت الهيئة الوطنية، ووافقت النيابة العامة التمييزية، على فتح شكاوى فورية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف داخل أسرهن والاكتفاء بالاستماع إلى إفاداتهن عبر الهاتف، إذ لم يتمكن من الحضور إلى المفرزة القضائية المتخصصة. وفي إطار أعمال التنسيق التي تقوم بها في تنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن بدعم من الأمم المتحدة، تعمل الهيئة الوطنية على اعتماد مقاربات موحدة تتناول موضوع مكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي من جانب مجمل الأطراف المعنية في القطاعين العام والخاص، وتسعى إلى التعاون معها بموجب خطة عمل مشتركة".

ورأت أن "المساعي التي تقوم بها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية للمساهمة في الحد من آفة العنف الجنسي والمبني على النوع الاجتماعي، جعلتنا ندرك اتساع المجالات التي ينبغي لكل من يقارب هذا الموضوع، أن يتناولها. لذا إنني أريد أن أعرب عن بالغ تقديري للجنة الدولية للحقوقيين لتنظيمها هذه الندوة حول "قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان"، وأريد أن أثني بنوع خاص على التقرير الذي أصدرته حول الإطار القانوني المطبق في حالات العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والعمل به فعليا".

وختمت: "مع إشادتي بالشمولية والدقة اللتين ميزتا هذا التقرير، أريد التنويه بكونه لم يكتف بتناول موضوع ترجمة الحقوق الإنسانية في القوانين، بل تناول أيضا كيفية احترام هذه الحقوق في الأصول الإجرائية المتبعة، وتطرق أيضا إلى كيفية التصرف بحيث لا تنفر الضحية من المضي في اللجوء إلى العدالة. عسى أن ننجح في الإفادة من جلسات اليوم وغدا لجعل قوانيننا وممارساتنا الإجرائية، أكثر تطابقا مع مبادئ حقوق الرجال والنساء وضرورات صون الكرامة الإنسانية".

بنعربية
بعدها ألقى سعيد بنعربية كلمة اعتبر فيها أن "التصدي لهذا العنف وتحقيق المساءلة عنه يستوجبان تظافر جهود العديد من الفرقاء والفاعلين بما يتماشى مع التزامات لبنان بموجب القانون الدولي. وعلى وجه التحديد، تتطلب التزامات لبنان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان إلغاء جميع القوانين التي تشكل تمييزا ضد المرأة، بما فيها تلك التي تسبب أو تعزز أو تبرر العنف الجنسي أو تعمل على إدامة الإفلات من العقاب على تلك الأفعال. كما تتطلب هذه الالتزامات أيضا القيام، على المستوى التنفيذي، باتخاذ التدابير المناسبة لتغيير أو استئصال العادات والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة، بما في ذلك تلك التي تبرر أو تشجع العنف الجنسي ضد المرأة، والتي غالبا ما تبنى على القوالب النمطية الجنسانية أو المفاهيم المسبقة لما يشكل عنفا جنسيا ضد المرأة".

وقال: "كما أن لبنان ملزم بضمان ولوج المرأة إلى العدالة وسبل الانتصاف الفاعلة في قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وبذل العناية الواجبة من أجل منع العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، والمعاقبة عليه، وتوفير الانتصاف والجبر لضحاياه. ووفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، في الحالات التي لا تبذل فيها الدول العناية الواجبة من أجل منع جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، أو لا تحقق في أنواع العنف المذكورة أو تلاحق مرتكبيها وتعاقبهم وتوفر الانتصاف لضحايا هذه الأفعال المرتكبة ضد المرأة على يد جهات خاصة، فإن هذه الدول تخضع للمساءلة عن تقصيرها في ذلك".

اضاف: "لقد وثقت اللجنة من خلال تقاريرها في السنة الماضية وهذه السنة كيف تنتصب مجموعة من المعيقات امام تحقيق المساءلة الفاعلة عن العنف الجنسي المبني على النوع الاجتماعي في لبنان، بما في ذلك القوانين التمييزية والقوانين المكرسة للعنف ضد النساء والفتيات باسم معايير دينية ومجتمعية وتصورات نمطية لأدوار النساء والرجال في المجتمع ولمفهوم الشرف".

ولفت الى أن "المشرع اللبناني لا يجرم أفعال الاغتصاب والاعتداء الجنسي القابلة للملاحقة الجنائية على أنها انتهاك لسلامة المرأة الجسدية، أو الجنسية أو النفسية، بما يتوافق مع توصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة. عوضا عن ذلك، يعالج قانون العقوبات الجرائم الجنسية كجرائم منافية للأخلاق والآداب العامة، بحيث تصنف على أنها مخلة ب"شرف" الضحية / الناجية، وأسرتها ومجتمعها. ومما لا شك فيه أن النظر إلى الجرائم الجنسية وتجريمها على هذا النحو يخفف من خطورتها، بشكل ينتقص من حقوق الإنسان للمرأة، بما في ذلك حقها في السلامة الشخصية، وفي الاستقلالية والاستقلالية الجنسية والحق في السلامة الجسدية والحرية من التمييز على أساس الجنس/ النوع الاجتماعي وحقها في الولوج إلى العدالة وفي سبل انتصاف فاعلة".

وتابع: "في هذا اللقاء، يهدف المنظمون الى مناقشة وتقويم القواعد والممارسات اللبنانية التي تنطبق على جمع الأدلة، ومقبوليتها، واستبعادها أثناء التحقيق في جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، وملاحقتها والفصل فيها على ضوء القواعد والممارسات الموصى بها بموجب القانون الدولي والمعايير الدولية، بما في ذلك المقتضيات ذات الصلة من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والقانون رقم 293/2014 بشأن حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري (القانون رقم 293/2014)".

وختم: "على وجه الخصوص، يهدف هذا اللقاء إلى الخروج بخلاصات يمكن تطويرها كتوجيهات عامة إلى الجهات الفاعلة في نظام العدالة الجنائية حول المسائل الإجرائية في معايير وقواعد الإثبات التي ينبغي ان تنطبق في حالات التحقيق في جرائم العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي وملاحقتها والفصل فيها، خصوصا جمع الأدلة، ومقبوليتها واستبعادها، وتقويمها وعبء الإثبات".

الخطيب
وخلال الجلسة الأولى من الندوة، عرضت المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان ورئيسة اللجنة القانونية في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة القاضية نازك الخطيب، أهداف الندوة التي تتمحور بصورة أساسية حول "دراسة القوانين اللبنانية ومقارنتها مع المعايير الدولية والممارسات الفضلى المعمول بها في الساحة الدولية، توصلا لتحديد الثغرات من أجل العمل على تحسينها وسد هذه الثغرات".

وتمحورت الجلسات حول "التحديات المتعلقة بالمساءلة عن جرائم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في لبنان، جمع الأدلة ومقبولية الأدلة واستبعادها، وحول تقويم الأدلة وعبء الإثبات في قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي".

وأدار الجلسات ويسرها وقدم عرضا مفصلا حول الإطار القانوني للعنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي، عدد من المشاركات والمشاركين من قضاة ومحامين وضباط ومستشارين وباحثين وأطباء شرعيين، من بينهم السيد سعيد بنعربية والقضاة نازك الخطيب ومايا كنعان وربيع معلوف ومارسيل باسيل وزياد مكنا وعضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة المحامية غادة جنبلاط والرائد شربل عزيز والدكتور ناجي صعيبي.

وتختتم الندوة بالإعلان عن خلاصة المناقشات.

المصدر: "وكالة الأنباء المركزية"


إقرأ أيضاً

الحريري الى بعبدا الخميس حاملا مسودة أولى للحكومة.. الخارجية للسنة بالمقايضة "المال" خارج المداورة و"الطاقة" للأرمن؟
المبادرة الفرنسية...ماذا يبقى منها بعد تقاسم الجبنة لبنانيا؟