"رافتينغ" و"كاياك" على نهر العاصي... روعة المكان وتجربة استثنائية


On 19 September, 2020
Published By Kathy Ghantous
"رافتينغ" و"كاياك" على نهر العاصي... روعة المكان وتجربة استثنائية

متعة رياضية وسياحية جديدة، شكلاً وأداءً ولغة، تقوم في محيط منبع نهر العاصي في الشمال من محافظة البقاع عند مدينة الهرمل. هناك ينبع النهر الذي عصى اتجاهات بقيّة أشقّائه الأنهار اللبنانية التي تتجه غرباً، وتصب في البحر، فاتجه شمالاً لمسافة تناهز الثلاثماية كيلومتر ليصب في لواء الاسكندرون.

أهمية النهر في الهرمل، غزارة مياهه التي لا تنضب، وبعده عن المدن الصاخبة، وتنوع البيئة في محيطه، وانحداراته المختلفة التي أتاحت تكون الشلالات عليه، حيناً، وانسابت مياهه بهدوء في المنبسطات أحياناً أخرى، كما أتاحت ممارسة مختلف الأنشطة عليه، في التعابير التقليدية منها السباحة، والتسلق، والمشي، وفي العلوم السياحية والرياضية الحديثة والمستجدة "الرافتينغ"، و"الكاياكينغ"، و"الهايكينغ"، ولكل منها دلالة ومعنى خاص.حوّل بعض النشطاء اللبنانيين هذه الأنشطة من الهواية إلى الاحتراف، ومن العمل الفردي إلى المؤسساتي المبرمج، فتحولت الصيغة الرياضية للأنشطة إلى أنشطة تشمل قطاعات أوسع في السياحة والبيئة والتراث، ملامسة الاقتصاد باستثمارها المباشر، أم غير المباشر بما تقتضيه من حاجات.

وأبرز من أسس هذه الأنشطة -النهرية المائية بنوع خاص- نور الدين المقهور الذي أسس نادي "رافتنغ سكواد كلوب" ( Rafting Squad Club)، عام 2006.

عرف المقهور عن نفسه لـ"النهار" بأنه "مشارك ببطولة العالم بـ(الكياك) مرتين عام 2002 و2003، واحتل الدرجة الأولى في منتخب لبنان فترشح قانوناً إلى بطولة العالم.

يعرض نور الدين بداية موقع نشاطه، وهو "الهرمل، المدينة اللبنانية التي تبعد عن بيروت 154 كلم، أما العاصي فهو الوادي الذي تصل إليه قبل الوصول إلى الهرمل، ونهر العاصي يجري في لبنان مسافة 45 كلم، منبعه عين "الزرقا" و"الدفاش".يوضح المقهور أن مستوى المياه الموجودة في النهر يسمح بأن يحمل "الرافتنغ"، ويمشي فيه بمسار نحن نعتمده مع الزبائن الذي هو 7 الى 9 كلم، هذا في المستوى 1-2، وهو للمبتدئين، الذين يمارسونه لأول مرة، وقبل نزولهم الى الرافتنغ، يتلقون تدريباً لمدة نصف ساعة، نعلمهم كيف يجلسون، وكيف يجذفون".

ويفيد أن المرحلة التي يمرون فيها تتوافر فيها أربعة شلالات، اثنان صغيران مع تكسر أمواج وشلال وسط (سقوط حاد) متر ونصف المتر، والشلال الأخير الذي ينتظره كل الناس وهو 9أامتار، وانحداره عادي مثل انحدار الدرج.

ويمضي شارحاً تقنيات الأنشطة. ففي النهر نزلات مختلفة كالمستوى الثالث، مدته 4 ساعات، والمستوى الرابع مدته 6 ساعات، أما الخامس فليس ممكناً على نهر العاصي للرافتنغ، إنما للكاياك، ولا نستطيع أن ننزل فيها لا مبتدئين، ولا محترفين إلا إذا كان لديهم شهادات دولية بخصوص "الكاياك"، فهذه مرحلة خطرة جداً، وحتى اليوم لم يفعلها في لبنان الا ثلاثة أشخاص، وعندنا نزلة "الفول موون رافت" full moon raft وهي أن ننزل ليلاً عندما يكون القمر بدراً.

بدأ المقهور بلعبة الكاياك سنة 1996 مع مدربه علي عواضة، وفي 1998 اعتمدنا لعبة الرافتنغ، وعام 2000 بدأت لعبة الرافتنغ تعرف رسمياً في لبنان، وكنا نعتمد الإعلام التقليدي عبر "البوسترات" أو عبر "الستندات" عندما نشارك في المعارض للتعريف بها.

عن الرافتنغ يقول إنه "عبارة عن زورق مطاطي يستخدم في الأنهار السريعة، والمعتدلة، والخطرة حسب نوعية ومستويات الرافتنغ. أما لعبة الرافتنغ في لبنان فيمكننا أن نعمل رافتنغ على مختلف الأنهار اللبنانية، ويمكننا القول إن العاصي هو النهر الوحيد الذي يستقطب لعبة الرافتنغ في لبنان، متل التزلج في كفرذبيان، ويتبع الرافت للاتحاد اللبناني للكانوي كاياك.

الرواد الذين يأتون الى العاصي هم من كل المناطق اللبنانية، ولأن المنطقة بعيدة، ويصعب على الناس العودة بعد الرافتنغ الى مناطقهم في الليل، فقد هيأنا خيماً ليقيم الرواد فيها، ونطورها لننشئ غرفاً صديقة للبيئة، فالناس يمكنهم أكل الطعام البلدي مع سهرة النار، والموسيقى، والنوم في خيمة محمية، وتتعرف الناس على بعضها البعض، وتقام حالة تفاعلية انسانية جميلة، اضافة إلى أن الهرمل تستقطب سنوياً 15 ألف سائح يأتون ويعملون رافتنغ، وبذلك تتشكل دورة اقتصادية في المنطقة يتستفيد منها قطاع واسع من المواطنين.

يقول المقهور: "نحن نحرك الدورة الاقتصادية في المنطقة لأن متطلباتنا من مأكولات ولوازم نجلبها من عدة أشخاص في المنطقة، بالإضافة إلى أن عملنا تحول إلى سياحة، وعبره نطلع الناس على الهرمل ليروا المنطقة على طبيعتها، ونسوّق، بلا وسيط، منتجات لا تصل إلى بيروت، كالمربيات على أنواعها، والملوخية البلدية والجوز البلدي، أي أننا نعمل متل حالة "بيت مونة"، وتستفيد منها إما جمعيات موجودة في الهرمل أو أشخاص أوعائلات".

يتحدث المقهور عن الأنشطة اليومية، فبعد الرافتنغ يأتي الغذاء، والهرمل تشتهر بسمك الترويت، هي سمكة لذيذة، اضافة الى مقبلات المطبخ اللبنانية كالحمص، والمتبل، والبطاطا المقلية، والفتوش.. وميزة الأكل أن الغداء مفتوح، وبعيد عن التلوث البيئي، وعن الخوف من كورونا لأننا في منطقة نائية لا يدخل عليها الا الذي يحجز فالناس تكون مرتاحة إن كان في الجو أو الأكل أو المبيت أو بالرافت . 

 

كما أوضح المقهور تفعيل السياحة الدينية حيث دير مارمارون، ومواقع دينية أخرى يؤثر كثيرون من المؤمنين ارتيادها قبل التوجه إلى بقية الأنشطة.

من الأنشطة الجميلة، يقول المقهور، "عند الغروب، نصعد إلى جبال الهرمل المتراوحة على ارتفاع 600 متر عند العاصي حتى القمم العالية على ارتفاع 2200 متر، حيث يعايش الزوار تنوع الطبيعة من الأعالي، وأيضاً إلى الجرد وتحته الوادي حيث اشجار معمرة لأكثر من ثلاثة آلاف سنة بحسب دراسة للجامعة الأميركية، وهناك محمية غابة الأرز وفيها أكثر من ألف شجرة، ويمكن الوصول إلى كتف وادي جهنم المشترك مع عكار والضنية والهرمل. وفي العودة مساء، يعود الجميع إلى العشاء البلدي الطيب بعد جولة من التعب والمتعة. ثم إلى سهرة النار قبل الخلود للنوم، والاستفاقة صباحاً لترويقة حليب ومناقيش وكعك طازج وخضار.

ويفيد أنه "بعد أن وسعنا دائرة عملنا، صار يقصدنا رواد نخرج معاً على "الهايكنغ"، مع بعض الصعوبات، وهناك مستويات من الخطورة في الهايك، ويتم الهايك بمحمية القلة، وهوعلى خط الأرز-القلة، ويستغرق نحو 3 ساعات، وهناك هايك القلة العالية الذي يستغرق نحو خمس ساعات، وأخطرها هايك وادي جهنم الذي يستغرق 12 ساعة، يمكن القيام بهايك على ضفة النهر حيث يمكن استطلاع جمال الشلالات.

الفريق الذي يعمل في النادي مكون من مجموعة من الشباب المثقف، والمتدرب على التعامل مع الطبيعة، ومع الناس، وفق إرشادات الاتحاد الدولي، بحسب المقهور، الذي يضيف: "مهمتهم ليست بسيطة بل تستغرق ساعات تواصل مع الناس في المياه، وهم مؤهلون للإجابة اللائقة عن أي سؤال من قبل الزوار، ولفهم وقائع المياه وتصنيفاتها، إضافة لمبادئ التعامل مع الناس، والمياه، وتعقيدات الحركة غير الاعتيادية".

 

ويختم بقوله: "أستطيع القول إن عدد رواد النادي للرافتنغ والهايكنغ ومختلف الأنشطة حتى اليوم يزيد على العشرين ألفاً، وهو رقم صغير أمام ما نطمح إليه، ونحتاج إلى سلام في لبنان ونحن متأكدون من أن الرواد من لبنان والعالم العربي والعالم قد يصلون إلى خمسماية ألف، لكن ذلك يتطلب فترة من الهدوء والسلام".

 

المصدر : رولا حميد - النهار
 


إقرأ أيضاً

المدينة المثالية... عوامل عدّة تدفعك لزيارة استوكهولم
غياب أصالة عن حفلات العيد الوطني السعودي سبببه أحلام؟