https://www.traditionrolex.com/8


ما رسالة أميركا إلى روسيا من اغتيال قائد «حراس الدين»؟


On 27 June, 2020
Published By Karim Haddad
ما رسالة أميركا إلى روسيا من اغتيال قائد «حراس الدين»؟

الصاروخ «الذكي» الذي وجهته «درون» أميركية إلى «أبو القسام الأردني»، أحد قياديي تنظيم «حراس الدين» المحسوب على «القاعدة» في شمال غربي سوريا، تزامن مع خلاف أميركي - روسي في مجلس الأمن إزاء تصنيف «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن الدولي للتنظيمات الإرهابية، كما هو الحال مع «جبهة النصرة» و«القاعدة» و«داعش»، وهو ما عُد بمثابة «رسالة» من واشنطن إلى موسكو حول كيفية اغتيال الإرهابيين.

وأبلغ مسؤول غربي «الشرق الأوسط» أن مداولات أولية في مجلس الأمن أظهرت خلافاً في الرأي بين دبلوماسيي البلدين، إذ إن الجانب الروسي يريد استعجال إدراج «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن، مقابل حذر دبلوماسيين أميركيين من أن يكون ذلك «ذريعة لشن عمل عسكري من قوات الحكومة السورية، بدعم روسي، ضد بعض الجيوب في ريف إدلب، لقتال فصائل المعارضة، بدل الإرهابيين».

وأضاف أن المقاربة الأميركية تقوم على ضرورة التوصل إلى «تصور شامل لمحاربة الإرهاب، والإجراءات المسموح بها في ذلك، وأن يكون التصنيف الدولي أحدها، وليس الوحيد».

 



من «حراس الدين»؟

تأسس تنظيم «حراس الدين» في فبراير (شباط) 2018 من قبل القياديين المهاجرين الذي اختلفوا مع زعيم تنظيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، بعد فك ارتباطه بـ«القاعدة» في 2016. وكان بين القياديين في التنظيم الجديد خالد العاروري (أبو القاسم الأردني)، وأعضاء مجلس الشورى سمير حجازي (أبو همام الشامي أو فاروق السوري)، وسامي العريدي (أبو محمود الشامي)، وبلال خريسات (أبو خديجة الأردني). وتلبية لدعوتهم «الفصائل المتناحرة في الشام لوقف القتال بعضها ضد بعض»، انضم 16 فصيلاً على الأقل إلى «حراس الدين».

وفي أبريل (نيسان) 2018، شكل «حراس الدين» مع «أنصار التوحيد» تكتل «نصرة الإسلام» الذي اتسع إلى غرفة «عمليات وحرض المؤمنين» في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، في سياق سعيها لمقارعة اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا حول إدلب.

وفي نهاية العام الماضي، صنفت الخارجية الأميركية «حراس الدين» منظمة إرهابية أجنبية، وأدرجت أبو همام الشامي، القائد العسكري السابق لـ«جبهة النصرة»، ضمن القوائم السوداء. وعرض برنامج «المكافآت من أجل العدالة»، التابع لوزارة الخارجية، 5 ملايين دولار لقاء معلومات تقود لثلاثة من قادة التنظيم، وهم: سامي العريدي، وسمير حجازي، وأبو محمد المصري.

 

منع الصدام

وقبل أسابيع، بادر دبلوماسيون روس في نيويورك إلى طرح إدراج «حراس الدين» في قوائم مجلس الأمن للتنظيمات الإرهابية، ولكن الموقف الأميركي كان مفاجئًا لدى رفض ذلك قبل التوافق على آلية للمحاربة. واللافت أن واشنطن أرادت إعطاء «درس» حول كيفية اغتيال المطلوبين من «القاعدة». فهي تصنف «حراس الدين» في قوائها، وتعد «هيئة تحرير الشام» ذاتها «جبهة النصرة».

ومعروف أن هناك اتفاقاً بين روسيا وأميركا لـ«منع الصدام» منذ منتصف 2017 بين الجيشين: شرق الفرات لحلفاء واشنطن، وغرب النهر لحلفاء موسكو. وقد حاولت أميركا، في بداية 2018، ملاحقة إرهابيين في شمال غربي سوريا، واستهدفت عشرات من قادة «تنظيم خراسان» وقياديين آخرين، ولكن ذلك قوبل برفض روسي. وكانت هناك استثناءات قليلة، بينها لدى اغتيال «أبو بكر البغدادي»، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في باريشا، بريف إدلب، بعد إبلاغ الجانب الروسي بوجود عملية عسكرية خاصة في «منطقة النفوذ الروسية»، من دون مزيد من التفاصيل.

 



شفرات قاتلة
 

وحسب المعلومات، فإن هذا تكرر في 14 يونيو (حزيران) الحالي، لدى قيام «درون» أميركية متطورة باستهداف خالد العاروري، المعروف بـ«أبو القسام الأردني»، للتخلص منه، وأيضاً «رسالة» إلى روسيا عبر استعمال صاروخ «هيل فاير» المتطور المخصص لعمليات الاغتيال المستهدف، بعيداً عن أي خسائر بين المدنيين. و«أبو القسام» هو رفيق وصهر «أبو مصعب الزرقاوي» الذي كان متزعماً لـ«تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، قبل اغتياله في 2006. وفي عام 2015، كان خالد العاروري واحداً من 5 شخصيات بارزة من «القاعدة» أفرجت السلطات الإيرانية عنها في صفقة.

وأفادت وسائل إعلام أميركية بأن الصاروخ «الذكي» تضمن رأساً حربياً خاملاً من 100 رطل من المواد المعدنية أحدث فجوة كبيرة في سيارة كان فيها «أبو القسام»، قبل قذف 6 شفرات حادة (بمثابة سيوف) من داخل المقذوف لتقطيع أي شيء يعترض طريقها. وهذا ما يفسر أن «حراس الدين» أعلن عن مقتل «أبو القسام»، أول من أمس، بعد نحو 10 أيام من إصابته.

وجرى تطوير صاروخ «هيل فاير»، المعروف عسكرياً بـ«آر 9 إكس»، قبل عقد، إثر ضغوط الرئيس السابق باراك أوباما، بهدف الإقلال قدر الإمكان من الخسائر التي تقع في صفوف المدنيين، والحد من تدمير الممتلكات المدنية في الحرب ضد الإرهاب. والسلاح الذي جرى توصيفه بالكامل للمرة الأولى خلال العام الماضي تم استخدامه أكثر من 6 مرات في السنوات الأخيرة. ونقلت صحف أميركية عن مسؤولين أميركيين استخدام «آر 9 إكس» في حالتين محددتين: إحداهما كانت من وكالة الاستخبارات المركزية، والحالة الأخرى من قيادة العمليات الخاصة المشتركة السرية في الجيش، إذ نجحت غارة جوية في اليمن، في يناير (كانون الثاني) عام 2019، في اغتيال جمال البدوي، وهو أحد الرجال المشتبه في ضلوعهم في التخطيط لعملية تفجير المدمرة الأميركية «يو إس إس كول»، حال رسوها في اليمن عام 2000. وقتل «أبو الخير المصري»، وهو الرجل الثاني في «القاعدة»، وكان صهراً لزعيم التنظيم أسامة بن لادن، من الاستخبارات المركزية، في غارة في إدلب، في فبراير (شباط) عام 2017؛ وكان التشابه واضحاً بين عمليتي اغتيال «أبو الخير» و«أبو القسام».

و«الرسالة الأميركية لروسيا هي أنه هكذا يتم اغتيال قادة إرهابيين، وليس على طريقة الأرض المحروقة التي تتضمن دماراً كبيراً في الممتلكات المدنية والبنية التحتية»، حسب مسؤول غربي أضاف أنه «كان لافتاً تزامن هذا مع اتهامات تقرير أممي لروسيا بأنها لم تساهم بحماية مستشفيات ومنشآت طبية في إدلب، رغم أنه جرى تقديم معطيات وجودها للجانب الروسي». وأعلنت روسيا انسحابها من ترتيب طوعي تقوده الأمم المتحدة لحماية المستشفيات وشحنات المساعدات الإنسانية في سوريا من استهداف الأطراف المتحاربة لها. وجاء هذا بعد أن خلص تحقيق داخلي أجرته الأمم المتحدة، في أبريل (نيسان) الماضي، إلى أنه من «المحتمل للغاية» أن تكون الحكومة السورية أو حلفاؤها قد نفذوا هجمات على 3 منشآت للرعاية الصحية ومدرسة وملجأ للأطفال في شمال غربي البلاد العام الماضي.

 

 



تفاهم روسي - تركي

وينتشر «حراس الدين» الذي يعتقد أنه يضم نحو 1800 عنصر، معظمهم غير سوريين، في شمال غربي سوريا، الخاضعة لتفاهمات روسية - تركية. وفي 5 مارس (آذار) الماضي، توصل الرئيسيان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان لبروتوكول إضافي لاتفاق سوتشي بينهما، تضمن «عزمهما على مكافحة جميع أشكال الإرهاب، والقضاء على كل التنظيمات الإرهابية التي اعترف بتصنيفها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، متفقتين مع ذلك على أن تهديد المدنيين والبنية التحتية المدنية لا يمكن تبريره بأي ذرائع». وإلى جانب وقف النار، اتفقا على تسيير دوريات مشتركة على طريق رئيسي بين حلب واللاذقية.

وقابل «حراس الدين» ذلك بأن أعلن، في 12 من الشهر الحالي، تشكيل «تنسيقية مشتركة»، غرفة عمليات عسكرية باسم «فاثبتوا»، من 5 فصائل، هي: «تنسيقية الجهاد» و«لواء المقاتلين الأنصار» و«جماعة أنصار الدين» و«أنصار الإسلام». وكان هذا التكتل توسيعاً لحلف سابق أعلنته تنظيمات «أنصار الدين» و«أنصار الإسلام» و«حراس الدين» في 2018، بتشكيل غرفة «وحرض المؤمنين». وكما رفض الحلف السابق اتفاق سوتشي، فإن التكتل الجديد رفض اتفاق موسكو، وشن هجمات على قوات النظام في سهل الغاب، غرب حماة، كما أنه استهدف جنوداً أتراكاً ودوريات روسية - تركية على طريق حلب - اللاذقية.

 



ابتلاع الإخوة

وحسب المعلومات، تعهدت تركيا بـ«تفكيك» التنظيمات المتشددة من الداخل، بل إن مسؤوليها بدأوا لأول مرة يتحدثون عن «تنظيمات إرهابية» في إدلب، ولكن اللافت أن «هيئة تحرير الشام» هي التي تقود المواجهة الميدانية ضد المتشددين الآخرين، إذ إنها اعتقلت القيادي السابق فيها جمال زينية، المعروف بـأبي مالك التلي، في ريف إدلب، بتهمة «التحريض على شق الصف والتمرد وإثارة البلبلة»، بعد أيام من اعتقال سراج الدين مختاروف، المعروف بـأبي صلاح الأوزبكي، المنضوي في صفوف تنظيم «جبهة أنصار الدين»، والمطلوب للإنتربول الدولي.

وقد تطور ذلك إلى اشتباكات ومواجهات بين الطرفين، خصوصاً في سهل الروج، غرب إدلب، وقرب سهل الغاب، حيث مناطق انتشار قوات النظام. واستطاعت «هيئة تحرير الشام» فرض اتفاق هدنة، أول من أمس، على «حراس الدين»، سرعان ما انهار، وتبادل الطرفان التهديدات،

وأعلن الجناح العسكري في «هيئة تحرير الشام»، مساء الجمعة، منع «إنشاء أي غرفة عمليات أخرى، ووضع تشكيل أي فصيل جديد تحت طائلة المحاسبة»، في إشارة إلى غرفة «فاثبتوا». وحصرت «الهيئة»، في بيانها، جميع «النشاطات العسكرية بإدارة غرفة عمليات الفتح المبين»، وذلك بعد إعلان التكتل الآخر أنه «بعد الاتفاق الذي تم توقيعه في بلدة عرب سعيد، غرب إدلب، بيننا وبين (هيئة تحرير الشام)، قامت الأخيرة بمداهمة مقرات (فاثبتوا) في بلدة سرمدا، بريف إدلب الشمالي، شمال إدلب، ومواقع في ريف اللاذقية»، وعدت أن هذا «الغدر المُبيت يعود على الاتفاق القائم في عرب سعيد بالنقض، في حال استمراره، وعدم التزام الطرف الآخر بما وعد به».

وإذ يقول قيادي ميداني إن «(هيئة تحرير الشام) اتخذت قرارها بالقضاء على (حراس الدين) بموافقة تركية، لتقديم نفسها بصفتها تنظيماً يجب التحاور معه»، أشار آخر إلى أن «ابتلاع الإخوة سيصل إلى أن الدور سيأتي على (هيئة تحرير الشام) لاحقاً».

المصدر: "الشرق الأوسط- لندن: إبراهيم حميدي"






إقرأ أيضاً

الشرطة الاسكتلندية تكشف هوية منفذ هجوم غلاسكو
بيني غانتس: على خطة ضم أراض بالضفة الغربية "أن تنتظر"

https://www.traditionrolex.com/8