https://www.traditionrolex.com/8


البرلماني الكندي اللبناني زياد أبولطيف: الأزمة طويلة والحلّ باعادة المال المنهوب


On 23 May, 2020
Published By Karim Haddad
البرلماني الكندي اللبناني زياد أبولطيف: الأزمة طويلة والحلّ باعادة المال المنهوب

نشأ وترعرع في بلدته عيحا من راشيا الوادي في بيئة ريفية صافية ونقية بعيدة عن أجواء المدينة وضجيجها وصخبها. استقى منها العادات والتقاليد الأصيلة، وتربى على المبادئ الشرقية التي تحافظ على تماسك العلاقات الأسرية ومتانة العلاقات بين أبناء الضيعة الواحدة في دينامية التعاون المشترك لصالح الكل. نجح رجل الأعمال الكندي ذو الأصل اللبناني زياد أبو لطيف لأول مرة في 2015 في الانتخابات الفيدرالية الكندية ليصبح نائباً فيدرالياً في مجلس العموم الكندي.

وخلال فترته البرلمانية الأولى ذاع صيته كبرلماني ناجح حقق سمعة طيبة بين الأوساط الشعبية والحكومية. وهذا ما ساهم بتحقيق هدفه للمرة الثانية على التوالي وبرصيد يضاعف رصيده الأول من الأصوات. فقد خاض البرلماني الكندي زياد أبو لطيف الانتخابات النيابية للمرة الثانية على التوالي، وحقق انتصاراً كبيراً في العام 2019 بنيله 30 ألف صوت.

أسئلة عن جذور الأزمة في لبنان وما بعد كورونا:

-خلّفت الحرب الأهلية منذ 1990 أزمات اقتصادية تراكمت على مدى 30 سنة، بالإضافة إلى خلق صراعات أيديولوجية في المنطقة؟ ألا ترى أن الصراعات الإيديولوجية هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن تراكم الأزمات اللبنانية وعن عدم القدرة على إيجاد الحلول الإنمائية والاقتصادية للبنان منذ سنين؟

كل الأزمات التي تتعرض لها أي دولة هي أزمات ناتجة عن أبعاد خارجية وأبعاد داخلية، ولكن ضعف الكيان اللبناني وتركيبة النظام السياسي اللبناني كانت من أهم العوامل التي ساهمت في الحرب الأهلية.

وبالنسبة للصراعات الإيديولوجية في المنطقة هي ليست صراعات إيديولوجية حقيقية في العمق، بالرغم من تبني اللاعبين الإقليميين والعالميين لهذا الطرح الايديولوجي بشكل ظاهري، ولكن بالمضمون هو ليس كذلك، وإنما هم استثمروا هذا الطرح خدمة لمصالحهم، ومن المؤكد أن الاقتصاد اللبناني تأثر إلى حد كبير بكل أنواع الصراعات الإقليمية الحاصلة في العالم وخاصة السياحة، وهذا لأن بنية الاقتصاد اللبناني مرتكزة بشكل أساسي على السياحة وعلى النظام المصرفي وأيضا على الحركة الاغترابية فيه.

وبالطبع النظام الطائفي كان أرضاً خصبة ساهمت بتفجير الصراع الطائفي على الرغم من أنه لم يبدأ طائفياً وإنما تم تنظيمه على هذا السياق بحكم التركيبة السياسية للوطن بما يتناسب ومصالحهم في اغتنام غنائم الحرب، وانتهى الصراع ما بين الطوائف على أن يصبح لكل منها كيان مستقل على حدة، وهذا يدلنا أخيراً على أن الصراع الحقيقي هو صراع على الغنائم وعلى السلطة لا أكثر ولا أقل.

-خرج لبنان منذ انتهاء الحرب في العام 1990 مدمّراً كلياً، وبدأت الليرة اللبنانية تنهار حتى أُغرق لبنان في الديون، ومنذ تلك الحقبة لم تضع الدولة أسساً متينة للإصلاحات الإدارية والاقتصادية، ما هي الأسباب؟

الأسباب تكمن بأنه من استلم الدولة بعد الحرب هم أمراء الحرب، وبالتالي كانت العقلية الطاغية هي عقلية الحرب، وانتقلت من حرب ساخنة في أرض المعركة إلى حرب باردة في وقت السلم، وكانت هذه الحرب على تقاسم المصالح والنفوذ حسب جغرافية السيطرة التي كان يقوم بها رؤساء المليشيات، وتحولت فيما بعد إلى صراعات على نهج الدولة وعلى سرقة مقدرات الوطن وأخذ الامتيازات. ولهذه الأسباب انهار الاقتصاد حكماً لأن الطبقة الحاكمة هي ليست طبقة مؤهلة لبناء بلد، بل هي أكملت الحرب من لغة الحرب الميدانية على الأرض إلى لغة الحرب على مرافق الدولة والسيطرة على خيراتها ومرافقها والاستيلاء على الحصص بما يتناسب مع إنجازات كل زعيم ميلشيوي أو بما يتناسب مع مواقع الكتل والأحزاب الفاعلة آنذاك في الحرب لا أكثر ولا أقل.

-يُجمع المراقبون السياسيون على ثلاثة أسباب أساسية لوقوع الأزمة اللبنانية وهي الدين العام الذي بدأ منذ 1992 في مؤتمر باريس وبلغ اليوم 85 مليار دولار، ودخول أحزاب الحرب إلى منصة الحكم في لبنان، والتوظيف السياسي الفاسد للأموال وللمناصب، برأيك ما هو الحل الأمثل لإنقاذ لبنان اليوم؟

أولاً الحلّ الأمثل يبدأ بمحاربة الفساد والتصدي للسرقة المنظمة من رأس الهرم نزولاً، وهذا أضعف الإيمان، لأن هذا هو المبدأ الذي تقوم عليه القاعدة الأساسية لبناء الدول ولبناء اقتصاد متين يستطيع التعايش مع الارتدادات الاقتصادية الحاصلة، ويستطيع الاستفادة من النمو الاقتصادي الذي يمكن أن يحصل في المنطقة إقليمياً وعالمياً، ولا يوجد وصفة سحرية عاجلة بالنسبة للحل الأمثل اليوم لأن البلد يقع في أزمة ومن الصعب وضع حل جذري أو إسعافي سريع لإنقاذه، وإن كانت هناك من حلول فستكون حلاً خارجياً وطبعاً الحل الخارجي له ثمن وثمن كبير جداً، ولهذا السبب، فإذا كان من أمل في استمرارية الكيان فهو في إعادة الصياغة لإنشاء دولة علمانية تسود فيها الشفافية والديمقراطية والحريات ويكون شعارها الأول محاربة ثقافة الفساد والسرقة المنظمة في البلد.

إن العالم مابعد كورونا سيختلف تماماً عما كان عليه قبلها والدول ستحدد جغرافية جديدة بواقع جديد بكلل تفاصيله.

-ما تعليقك على "الحرب الجرثومية" التي يعيشها العالم اليوم بسبب الصراع الأميركي الصيني؟

لا أعلم إن كان مصطلح "الحرب الجرثومية" صحيحاً ولكنها مرحلة دقيقة يمرّ بها العالم ستؤثر سلباً على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وستغيّر معالم كثيرة في الاقتصاد وطرق العيش وكل ما يحدث الآن تتشكل حوله علامات استفهام دعت لتصوّر عدة نظريات مؤامراتية عما يحدث خلف الكواليس من أسباب تخفي من ورائها أهداف الكبار وغاياتهم للسيطرة على العالم. وخلال هذه الفوضى العالمية لن نستطيع حل المشكلة، ويبقى التفكير في التعامل مع الواقع الجديد لمعرفة كيفية الخروج من الأزمة بأقل الأضرار.

-ما رأيك بأداء الحكومة حالياً تجاه كورونا؟

قدوم كورونا هو اختبار لكل حكومات العالم بما فيها كل دول العالم المتحضرة أو التي تسعى منها للتطور والتقدم، وبالنسبة للأداء الحكومي نتمنى له أن يكون ناجحاً وفعالاً في بلد يعاني اليوم مالياً واقتصادياً. وأتمنى لكل أعضاء الحكومة الجديدة تحقيق إنجازات هامة في مهمتهم الصعبة

-كيف ترى العالم بعد كورونا؟

إن العالم ما بعد كورونا سيختلف تماماً عما كان عليه قبل كورونا، وأعتقد أن كل دول العالم ستقف أمام تسوية جديدة على مستوى اللاعبين الكبار في العالم وكورونا ستحدد جغرافية وواقع جديدين بكل تفاصيلهما. هذا الواقع الذي سيفرض نفسه على كل شعوب الدول وسيغير محور كل التحالفات، إذاً فنحن أمام عالم جديد بصياغة مختلفة. وبالنهاية أتمنى ألا تطول أزمة كورونا.

-ألا تعتقد أنه مهما قدّم المغتربون اللبنانيون من مساهمات مادية ومشاريع اقتصادية فعالة في سبيل خدمة ومساعدة أبناء وطنهم في لبنان، إلا أن كل هذه الجهود ستذهب سدىً، ما دامت البنية التحتية لاحتضان واستيعاب هذه المنح معدومة أساساً؟

بالتأكيد ستذهب سدىً، فبالنسبة للمغتربين من أصحاب الاستثمارات والودائع ستكون مساهماتهم التجارية في خطر بسبب ما آل إليه الوضع الحالي للإيداعات الموجودة في المصارف اللبنانية، فإذا خسر المغتربون هذه الإيداعات والاستثمارات، فإن هذا سيرتد سلباً على حماسهم تجاه الوطن وسيخلّف عاملاً سلبياً في فقدانهم الإيمان بالعودة للاستثمار في البلد.

-برأيك ما هي السيناريوات المستقبلية في لبنان؟

لا يحتاج أي إنسان للكثير من الخبرة ليتمكن من قراءة الواقع بوضوح. فأداء السلطة السياسية والنهب العلني وغير العلني عملياً هو وصفة لتدمير البلد اقتصادياً واجتماعياً، وبالتالي السيناريوات المستقبلية هي سيناريوات مأسوية وصعبة، وستكون حلولها طويلة الأمد حتى عودة الوطن إلى قواعد التعافي الاقتصادي. وفي ظل هذا السباق العالمي والصراعات سيبقى لبنان متأخراً عن ركب الحضارة والتطور العالميين وهذه نتائج مأسوية للغاية.

-من خلال متابعتك للتجارب الغربية كيف يمكن محاربة الفساد المستشري في لبنان؟

محاربة الفساد تبدأ من رأس الهرم إلى القاعدة، والقانون فوق الجميع ويجب محاربة ثقافة الفساد التي أصبحت جزءاً من الحياة السياسية في لبنان، وأخذ كل الإجراءات الصارمة وتنفيذ العقاب الشديد بحق المرتشين وبحق كل من يمد يده إلى المال العام، ويجب أن تلغى ثقافة الفساد وتستبدل بثقافة الحرص على الوطن وبنائه واقتصاده، لأن هذا المال هو مال الشعب، وليس من حق أي شخص مهما علا شأنه في السلطة أو الدولة الاستيلاء على هذا المال أو العبث به، كممارسة السلوكيات غير المشروعة في الفساد الإداري والمالي والسياسي. ويجب أيضاً مراقبة تطبيق قوانين المحاسبة بانتظام والتأكد من عدم وجود أي ثغرة قانونية قد تسمح بالعبث بأرزاق اللبنانين وبأموال الوطن وإنتاجيته.

-ما نصيحتك لأبناء الحراك في الشارع اللبناني وخاصة بعد الامتثال للحجر المنزلي بعد أزمة كورونا؟

أنصحهمْ بالصبر والمثابرة وسلمية الحراك والتفكير بوضع حلول والتخطيط لبرامج مستقبلية للبلد، لا يجب أن يكون التغيير رخيص الثمن وظاهرياً كما في السابق، بل يجب أن يكون تغييراً حقيقياً ينطلق من نواة الشعب وآلامه، وأحثهم على التعب وبذل الكثير من الجهد في صناعة التغيير وأيضاً المحافظة على مستوى تغيير لائق وفعّال وهادئ.

-برأيك ما هي الأسباب في تناقضات اتجاهات الشباب في الثورة؟

بالنسبة الشباب اللبناني تعتبر أزمة الهوية هي أزمة انتماء للوطن، أي هي لأي وطن سأنتمي، وللأسف لقد ترسخ في أذهان الكثيرين أن الوطن هو الطبقة السياسية التي تحكم البلد، وهذا المفهوم خاطئ طبعاً بأن يختصر الوطن بالطبقة السياسية التي تحكم البلاد. فلذلك فإن أزمة الهوية عند الشباب اللبناني هي في عدم إدراكهم معنى الوطن الذي ينتمون إليه شكلاً ومضموناً، بسبب الانتماء إلى اتجاهات سياسية مختلفة، وبالتالي هذا ما سبب تناقضات في اتجاهات الثورة اليوم.

-بصفتك نائباً في البرلمان الكندي ومن المؤكد أنك بتّ خبيراً بكيفية إدارة عملية الحكم الديمقراطية في كندا، كيف تحاكي التجربة الكندية وضع لبنان؟

إن الديموقراطية صناعة مكلفة جداً وتحتاج إلى مثابرة وتطوير دائم للحفاظ على قيمتها وضمان استمراريتها، ولكن في لبنان الطائفية هي الصناعة الوحيدة وهي قاعدة النظام السياسي، ومن الصعب جداً أن توفق بين الديمقراطية والطائفية، لأن من مبادئ الديمقراطية استيعاب الآخر والقبول به من غير شروط وبدون أي تصنيف عرقي أو مذهبي او إجتماعي واحترام حرية رأيه، بينما في النظام الطائفي تتحدد حدود المواطن وتؤطر حريته ويرسم مستقبله بناءً على الطائفة التي ينتمي إليها. وهذه المعايير بالطبع ليست ديمقراطية، وإنما هذا هراء بالتالي، والديمقراطية هي صناعة احترافيه تتبناها الشعوب وتحافظ عليها وهي جزء أساسي من إدارة العمل السياسي فيها لتحرير المواطن والقبول بالآخر وإلغاء الفوارق بين الناس وإعطاء الفرص المتساوية لكل أبناء الوطن. وهذا ما نعتمده لوصف أساسي لبناء الأوطان

-ماهو دور كندا في مساعدة لبنان قبل أن ينهار مالياً ويدخل في فوضى تهدد المنطقة؟

دور كندا دائماً مساهم، وهي تساعد لبنان في موضوع اللاجئين وفي دعم الجيش والقوى الأمنية حفاظاً على سلامة الوطن وعلى استمرار استقراره.

-ما هو الحلّ المالي الذي يسعف لبنان الغريق في الديون والذي يعيش أزمة اقتصادية حادة جداً لم يشهد لها مثيل منذ سنوات؟

لا يوجد غير حل واحد وجذري لا رجعة عنه وهو إعادة المال الذي هرب وتم الاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة. فإذا وجد المال وتوفرت السيولة سيساهم هذا في بث الروح لإعادة التوازن الاقتصادي للوطن، ولكن الأزمة طويلة وتداعيات الأزمة أكبر مما يحكى. عربياً في الشرق الأوسط خطوط الجغرافيا العالمية الجديدة اليوم هي خطوط الغاز والنفط حيث حددت أطماع الدول الكبرى اتجاهات الغاز والنفط في منطقة الشرق الاوسط ورسمت خريطة العالم بناءا على مواقع ثروة الغاز في الشرق الاوسط وفي العالم ايضا

كندا والعمل البرلماني

- ما هي احتياجات المواطنين اللبنانيين داخل كندا وخارجها، وكيف ترى تعاطي إدارة البرلمان معها؟ وخاصة في الفترة المأزومة الحالية وما يشهده لبنان والعالم العربي من أزمات إنسانية وصلت إلى حد الكارثة؟

- الاهتمام ببرامج الهجرة واللجوء فبرامج الهجرة هي جزء من حياة كندا السياسية وجزء من ثقافة كندا الاجتماعية ونحن نقوم بتلبيتها حسب الوضع وحسب امكانياتنا.

- كبرلماني عربي ما هي اقتراحاتك الخاصة لدعم برنامج الهجرة واللجوء إلى كندا وتقديم تسهيلات خاصة لاستقبال اللبنانيين والسوريين؟

اقتراحاتي الخاصة تتركز حول محور جمع الشمل والتركيز على استقطاب الكفاءات.

-كيف تعاملت كندا منذ الحرب السورية مع ملف اللاجئين السوريين، وهل من وسائل وطرق مستقبلية تسهل دخول لاجئين سوريين مجدداً في 2020؟

بالنسبة للتعامل مع ملف اللاجئين السوريين كندا هي أكثر بلد في العالم استقبلت لاجئين بشكل عام خلال السنوات الماضية وحتى أكثر من طاقتها، وهذا دليل على حرص كندا على مساعدة اللاجئين في أي بلد في العالم. 

المصدر: ""النهار" - نرجس عبيد"






إقرأ أيضاً

التسرّب المدرسي في زمن الكورونا
كوفيد-19: دعوة لمراجعة نظام الرعاية الطويلة الأمد في كندا

https://www.traditionrolex.com/8