رئيس الوزراء المصري: مصر تؤكد أن استقرار لبنان جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة
استهلّ رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي جولته الرسمية في بيروت بلقاء نظيره اللبناني الرئيس نواف سلام في السرايا الحكومية، وذلك على رأس وفد وزاري.
وأقيم لمدبولي استقبال رسمي في السرايا قبل أن يعقد الرئيسَين اجتماعاً ثنائيّاً، تلاه محادثات موسّعة بين الجانبين اللبناني والمصري.
وفي ختام المحادثات قال سلام: "يسرّني أن أرحّب بكم اليوم في بيروت، التي تتشرّف باستقبال دولة الرئيس مدبولي والوفد الوزاري المصري الكريم، في زيارةٍ هي تأكيد على عمق العلاقة الأخوية بين لبنان ومصر، وتجسيدٌ لإرادةٍ مشتركة في بناء شراكةٍ فعلية، مسؤولة، ومنتجة.
ما بدأناه معًا قبل أسابيع في القاهرة في إطار اللجنة العليا اللبنانية – المصرية، نتابعه اليوم بخطى عملية في بيروت، من خلال اجتماع ثنائي بنّاء جمعني بالرئيس مدبولي، واجتماع موسّع بين الوفدين الوزاريين.
إن هذه الزيارة، التي تلبّي دعوةً وُجّهتها في القاهرة الى الزميل الدكتور مصطفى، تحمل في طيّاتها أكثر من بُعد سياسي أو اقتصادي".
أضاف: "ناقشنا اليوم أولويات التعاون في عدد من القطاعات الحيوية: من الطاقة إلى النقل، من الصناعة إلى الاقتصاد الرقمي، ومن البنى التحتية إلى التعليم والري، وشددنا على ضرورة المتابعة الدقيقة لما اتُّفق عليه، بروح الشراكة لا المجاملة، وبمنهج التخطيط لا الارتجال.
إننا نعتبر العلاقة بين بلدينا أكثر من تبادل مصالح، إنها تكامل في الرؤية، وتفاعل في المسار، وتاريخ مشترك نريد أن نحمله بثقة إلى المستقبل.
فكما كان الماضي شاهدًا على مساهمات فكرية وثقافية لبنانية – مصرية شكّلت وجه النهضة العربية، نريده أيضًا أن يكون منطلقًا لنهضة اقتصادية – إنسانية جديدة، قوامها الإنسان، ومحرّكها الاستقرار، وأفقها النموّ.
ونثمّن في هذا السياق اهتمام دولة الرئيس مدبولي بلقاء الهيئات الاقتصادية، سعيًا إلى تعميق الشراكة بين القطاعين الخاصين اللبناني والمصري، واستكشاف فرص الاستثمار المشترك في إطار من الشفافية والمنافع المتبادلة.
كما نؤكّد تقديرنا العميق للدور المصري في دعم لبنان في عمله على انهاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من جنوبه الغالي، ولوقف الأعمال العدائية الإسرائيلية المستمرة، والافراج عن اسرانا، وكذلك تقديرنا لمواكبة مصر الدائمة للبنان في مسيرته الإصلاحية، وتمسّكها الدائم بوحدته وسيادته، في كل الظروف".
وختم سلام: "نعدكم أن نتابع هذه الشراكة معكم، لا بالشعارات، بل بالعمل والنتائج. فلبنان لا يطلب عونًا موسميًا، بل يسعى إلى شراكةٍ دائمة معكم، شراكة تفتح أمامنا أفقًا عربيًا مشرّفًا".
مدبولي: من ناحيته قال مدبولي: "يُسعدني ويُشرفني أن أكون اليوم في العاصمة اللبنانية بيروت، هذه المدينة العربية العزيزة التي تحمل في وجدان كل مصري مكانة خاصة، وأَن أَلتقي بدولة الدكتور/ نواف سلام، رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، في زيارة تعكس عمق العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط بين مصر ولبنان، والتي قامت دائمًا على الاحترام المتبادل، والتضامن الصادق، والعمل المشترك من أجل مصالح شعبينا الشقيقين.
تأتي هذه الزيارة انعكاساً للتنامي المُطَّرد في وتيرة التواصل السياسي بين بلدينا في ظل العهد اللبناني الجديد، منذ استقبال فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لفخامة العماد جوزاف عون، رئيس الجمهورية اللبنانية الشقيقة، في مايو 2025، وما تلا ذلك من زيارات مُتبادلة جَسَّدت خصوصية ومتانة العلاقات المصرية اللبنانية، وما يجمع البلدين من حرص مشترك على الارتقاء بها إلى آفاق أرحب.
ولا يَفُوتني في هذا المقام أن أُشيد بالنتائج الإيجابية والزخم الكبير الذي تَمخَّض عن الزيارات التي قام بها دولة الدكتور/ نواف سلام إلى القاهرة، وتشرف دولته بلقاء فخامة السيد رئيس الجمهورية، حيث تُوجت تلك الزيارات بانعقاد الدورة العاشرة للجنة المصرية اللبنانية العليا المشتركة برئاسة رئيسي وزراء البلدين بالقاهرة في نوفمبر الماضي، وذلك لأول مرة منذ ست سنوات، وما شهدته من توقيع ما يقرب من خمس عشرة اتفاقية في مجالات اقتصادية وثقافية وإعلامية ودبلوماسية، بما يعكس إرادة سياسية واضحة للدفع باتجاه مزيد من تعميق العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين".
أضاف: "لقد عقدنا اليوم اجتماعًا مُوسعًا وبنّاءً، تناول مختلف أوجه التعاون الثنائي، إلى جانب مناقشة التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها المنطقة. وأود في هذا السياق أن أُثني على جهود فخامة الرئيس العماد جوزاف عون، والحكومة اللبنانية برئاسة دولة الرئيس الدكتور نواف سلام، وما تضمنه بيانها الوزاري من توجهات ترمي إلى تحقيق الاستقرار، وَصَوْن السِّلْم الأهلي، واستعادة فاعلية مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها الجيش اللبناني، وتمكينه من بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية.
كما أُثمن الجُهود المضنية التي يبذلها الجيش اللبناني لتحقيق هذا الهدف، في إطار نهج مُتدرج ورؤية وطنية شاملة تحفظ للبنان وحدته وتماسكه، استنادًا إلى اتفاق الطائف والقرارات الدولية ذات الصلة، إيمانا بأن الدولة القوية هي الضمانة، وأن الشرعية الجامعة هي الملاذ.
وقد أكدتُ خلال اللقاء اليوم مَوقفَ مصر الثابت والداعم للبنان، قيادةً وحكومةً وشعبًا، وحرصها الدائم على مساندة لبنان في هذه المرحلة الدقيقة التي يواجه فيها تحديات استثنائية على المستويات كافة. وأود أن أُؤكد أن مِصْر تنظر إلى لبنان باعتباره ركيزة أساسية للاستقرار في المشرق العربي. كما أن مِصْرَ لا تَألُو جهدًا في مواصلة مساعيها الحثيثة للنأي بلبنان عن أي تصعيد.
وَتُعيدُ مِصْر التأكيد على موقفها الثابت والرافض لانتهاكات إسرائيل المتكررة ضد الأراضي اللبنانية، وكذلك احتلال أجزاء منها، وَتُشدد على ضرورة الانسحاب الفوري غير المشروط من كامل الأراضي اللبنانية واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية، بالإضافة إلى التنفيذ الكامل ودون انتقائية لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١".
وختم مدبولي: إَنَّ مصر تُؤكد أن استقرار لبنان وَوَحْدته الوطنية هما جُزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة العربية بأسرها".
في وقت سابق، أعلنت رئاسة مجلس الوزراء المصري أنّ "مدبولي توجه إلى لبنان في زيارة تستهدف بحث ملفّات تعزيز التعاون المُشترك والقضايا الإقليميّة، ويرافقه وفدٌ رفيع المستوى يضمّ: وزير الصّناعة والنّقل كامل الوزير، وزير الكهرباء والطّاقة المتجدّدة محمود عصمت، ووزير البترول والثّروة المعدنيّة كريم بدوي".
كما سيلتقي مدبولي رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقرّ البرلمان اللبناني، على أن يلقي كذلك كلمةً خلال لقاء عمل مع الهيئات الاقتصاديّة في مقر غرفة التجارة والصّناعة في بيروت، وفق البيان المصري